أما بعد فاني أوصيكم بتقوى الله فيما أنتم عنه مسؤولون واليه تصيرون، فان الله تعالى يقول: * (كل نفس ذائقة الموت) * (1)، * (كل نفس بما كسبت رهينة) * (2)، * (ويحذركم الله نفسه والى الله المصير) * (3)، ويقول: * (فوربك لنسألنهم أجمعين * عما كانوا يعملون) * (4)، فاعلموا عباد الله أن الله عز وجل مسائلكم عن الصغيرة والكبيرة من أعمالكم، فان يعذب فنحن أظلم وإن يعفو فهو ارحم الراحمين.
يا عباد الله! ان أقرب ما يكون العبد إلى المغفرة والرحمة حين يعمل لله بطاعته وينصحه في التوبة: عليكم بتقوى الله فإنها تجمع من الخير ما لا خير غيرها (5)، ويدرك بها من الخير ما لا يدرك بغيرها [من] (6) خير الدنيا (وخير الآخرة) (7)، قال الله تعالى: * (وقيل للذين اتقوا ماذا انزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين) * (8).
اعلموا عباد الله ان المؤمن يعمل لثلاث من الثواب: اما الخير (9)، فان الله يثيبه بعمله في دنياه، (قال الله سبحانه لإبراهيم) (10): * (وآتيناه أجره في الدنيا وانه في الآخرة لمن الصالحين) * (11) فمن عمل لله أعطاه أجره في الدنيا والآخرة وكفاه المهم فيهما، وقال الله تعالى: * (يا عبادي الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة انها يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) * (12)، فما أعطاهم الله في الدنيا لم يحاسبهم به في الآخرة، قال الله تعالى: * (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة) * (13)، فالحسنى هي الجنة والزيادة هي الدنيا.
صفحة ٨١