أقسام الإيمان
والإقرار والتصديق: في لغة العرب بالقلب واللسان إيمان آخر ، تقول العرب : آمن فلان بالأمر ، معنى ذلك أقر وصدق به. فهذا الإيمان الذي هو الإقرار والتصديق بالقلب واللسان فقد يكون مرة ضارا ومرة نافعا ، ومرة لا ضارا ولا نافعا ، ومرة نافعا في الدنيا وغير نافع في الآخرة ، ذلك معروف في اللغة.
فأما الإيمان الضار المذموم وأهله من ذلك :فهو الإيمان بالجبت والطاغوت وجميع الباطل ، قال الله سبحانه:?ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا? في أمثال لذلك من القرآن.
وأما الإيمان الذي لا ضارا ولا نافعا ، ولا مذموما ولا ممدوحا ولا أهله :فهو الإيمان الذي هو الإقرار والتصديق باللسان والقلب عندما يرى العبد بعض آيات الله التي ييأس مع رؤيتها من نفسه ، ولا يمكنه اكتساب خير وعمل صالح ، ولا يقبل له توبة مع رؤيته واستيفائه ما يتبين له من حضور الموت فيه ، وعدم السلامة منه ، وذلك فمثل إيمان فرعون حين أدركه الغرق فقال:?آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو اسرائيل? فقال جل ذكره:?الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين? ومثل إيمان من أخره المرض فتبين له عدم الحياة ، وعلم أنه ميت ، ولم يطمع في النجاة الذين قال الله جل ذكره فيهم :?إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما?.
معنى قوله سبحانه :?بجهالة? ليست الجهالة ضد المعرفة ! ولكنها الجهالة بتعريض النفس لسخط الله ، فإن العاصي لله يوصف بالجهل.
ومعنى قوله :?من قريب? أي لا يكون من المصرين على الذنوب وهم يعلمون أنها تسخط الله ، فتكون حال هؤلاء حالا تغلظ تبعتها ويعظم ضررها.
صفحة ٩