سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين
محقق
محمد رحمة الله حافظ الندوي
الناشر
دار القلم
رقم الإصدار
الأولى / ١٤٢٤ هـ
سنة النشر
٢٠٠٣ م
تصانيف
الفصل الأول
الزواج الميمون
كانت السيدة خديجة بنت خويلد أم المؤمنين (ض) أولى زوجات النبي ﷺ وأحبهن إليه، وقد بنى بها الرسول ﷺ في نحو الخامسة والعشرين، وهي في نحو الأربعين، وقد سعدت بالبقاء معه ﷺ زهاء خمس وعشرين سنة إلى أن أوفت على الخامسة والستين فاستأثرت بها رحمة الله تعالى في شهر رمضان السنة العاشرة بعد البعثة، أي قبل الهجرة بثلاث سنوات، وكان سن رسول الله ﷺ يومئذ خمسين سنة.
كانت أول من آمن به وأول إنسان أسلم على وجه الأرض، وكانت نعم القرين له في السراء والضراء، وقد أغدقت عليه من حنان الأمومة ما فاته في بواكير الطفولة، وأدركه عطفها وهو يعالج من نوازع الدعوة النبوية ثورة مقيمة مقعدة في سريرة النفس، لا تزال بين الجلاء والغموض وبين الإقدام والإحجام، ولا تزال في هذه الحالة على حاجته القصوى إلى التثبيت والكلاءة والتشجيع. ولما توفيت (ض)، لم يعرف عنه ﷺ أنه حزن على أحد قط أشد من حزنه عليها، ولا أطال الذكرى لأحد قط بعد وفاته كما أطال ذكراها، حتى إنه قد صعبت عليه الحياة من شدة ما أصابته من هموم الوحدة والتفرد، فشق ذلك على صحابته المخلصين (ض) وآلمهم ما لحظوه من حزن النبي ﷺ على زوجه العزيزة عليه، فجاءت السيدة خولة بنت حكيم - امرأة عثمان بن مظعون من أجلاء الصحابة توفي سنة ٢ هـ - إلى رسول الله ﷺ وقالت: يا رسول الله ألا تتزوج؟ قال: من؟ قالت: إن شئت بكرا، وإن شئت ثيبا، قال: «ومن البكر ومن الثيب؟» قالت: أما الثيب فهي سودة بنت زمعة، وأما البكر فهي بنت أحب الخلق إليك، عائشة بنت أبي (١) بكر الصديق.
_________
(١) من أشنع الجهالات وأقبح الضلالات التي وقع فريستها المحققون والباحثون =
1 / 44