سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين
محقق
محمد رحمة الله حافظ الندوي
الناشر
دار القلم
رقم الإصدار
الأولى / ١٤٢٤ هـ
سنة النشر
٢٠٠٣ م
تصانيف
الجواب، والثقافة العالية التي كانت تتمتع بها، وسعة اطلاعها على الأمور الدينية، والذكاء المتوقد، وسرعة إدراك الأمور.
إن طبيعة الأطفال في كل عصر تكون واحدة حيث إنهم لا يبالون بشيء، ولا يهمهم أمر، ولا تلفت نظرهم قضية حتى السن السابعة والثامنة، ويكونون بعيدين كل البعد عن الأمور الفكرية. إلا أن السيدة عائشة (ض) قد اختلفت طبيعتها عن الآخرين في هذا الشأن، فنرى أنها كانت تحفظ كل ما حدث أيام طفولتها، وتخزنه في ذاكرتها، وتفقه من أحاديثه ﷺ ما تيسر لها أن تفقه، ثم ترويه، وتستخرج منه الأحكام، وتستنبط منه الجزئيات الفقهية، كما أنها كانت تشرح الحكم والمصالح من واقعات الطفولة الجزئية، حتى لو قرعت أذنيها آية من كتاب الله أثناء لعبتها فإنها كانت تذكرها.
تقول (ض): لقد أنزل على محمد ﷺ بمكة وإني لجارية ألعب ﴿بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ﴾ [القمر: ٤٦] (١).
وعندما هاجر النبي ﷺ إلى المدينة لم تكن عائشة تجاوزت الثامنة من عمرها لكنها كانت تفهم وتعي وتحسن الحفظ لأسرار وقائع الهجرة النبوية والجزئيات المتعلقة بها، ولم يدانها أحد من الصحابة في حفظ هذه الوقائع بالترتيب المسلسل كما حفظته هي (٢).
...
_________
(١) أخرجه البخاري في صحيحه تفسير سورة القمر برقم ٤٨٧٦، وبرقم ٤٩٩٣ باب تأليف القرآن.
(٢) يراجع أبواب الهجرة في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما.
1 / 43