منهاج مفصل لدروس في العوامل التاريخية في بناء الأمة العربية على ما هي عليه اليوم
تصانيف
ودور التجديد المقترن باسم محمود الثاني جد خطير في تاريخ الحركة كلها، ومحمود الثاني واضع أساس الحكومة الحديثة في الدولة العثمانية، الحكومة التي تزعم لنفسها حق السلطان الكامل، وهي في نفس الوقت تتكفل بأداء واجبات وتتحمل مسئوليات مما لم يكن للرعية عهد به قبل ذلك.
حارب محمود ادعاءات أصحاب العصبيات وأصحاب الحقوق المكتسبة في كل مكان، ونجح في طرابلس الغرب في إزالة القرامانلية، وفي بغداد الباشوات المماليك، وفتك بالانكشارية، وجعل «النظام الجديد» الذي بدأه سلفه هو النظام السائد، وقضى على «أمراء الوادي» في الأناضول وكانوا إقطاعيين لا معقب لكلماتهم في إقطاعاتهم، وحاول أن يلغي الاحتكارات.
وأخيرا كسب محمود لطاعة الدولة من حيث لا يحتسب. فإن مصر لما انسحبت في 1840-1841 من الولايات التي كانت تديرها تسلمت الدولة تلك الولايات وقد عرفت من معاني الطاعة والنظام ما لم تكن تعرفه قبل خضوعها للإدارة المصرية! (4-3) الدور الثالث: ونقرنه باسمي السلطان عبد المجيد (1839-1861) والسلطان عبد العزيز (1861-1876)، دور تنظيم الدولة الحديثة ومحاولة إنشاء النظام النيابي
خصائص هذه الحقبة من التاريخ الأوروبي نستخلصها من ذكرنا ما يأتي:
أولا:
إكمال بناء الإمبراطورية الألمانية في 1870، نظامها نظام دولة اتحادية، وكمل البناء بعد التغلب حربيا على النمسا ثم على فرنسا.
ثانيا:
إتمام بناء الوحدة الإيطالية واتخاذ روما عاصمة لها، وكان نظامها النظام الملكي الدستوري، وأمرها يهمنا، فهي دولة تقع في البحر المتوسط، واتصالها وثيق قديم بسواحله، وستنمو لها مع الزمان مطامع وأحلام موضوعها إحياء الملك الروماني القديم في البحر المتوسط، والإمبراطورية النمسوية تجدد دستورها في سنة 1867 على أساس إنشاء دولة ثنائية من النمسا وما يلحق بها، ومن المجر وما يلحق به. وأخيرا نذكر الروسيا في حكم قيصرها نيقولا الأول ذي اليد الحديدية، وبعده قياصرة آخرون يختلفون عنه في الآراء الخاصة بالإصلاح الداخلي ولا يختلفون عنه في السياسة الخارجية الواجب اتباعها.
وفي الغرب كان إحياء الإمبراطورية النابليونية في شخص نابليون الثالث، فتأليف هذه الإمبراطوريات على هذا النحو جاء بعد فشل الحركات الثورية المختلفة، ثورات سنة 1848؛ أي إن العقود من 1850 ومن 1860 ومن 1870 تمثل تثبيتا وتنظيما في عناصر الحياة الأوروبية مكنها من التقدم الاقتصادي، والأخذ بأسباب القوة الحربية، ونشأ عن هذا كله تنظيم سوق مالية عالمية واحدة، كما نشأ عنه أن البت النهائي في مشكلات العلاقات بين الأمم، سواء أكان نطاق هذه العلاقات أوروبيا أم غير أوروبي آل ابتداء من ذلك العصر وفيما يليه حتى قيام الحرب العالمية الأولى إلى «الدول العظمى»، وستحاول الدول الصغرى وما نسميه «الدول» تجاوزا أن تلفت النظر لوجودها بمختلف الوسائل، وأن تلحق كل واحدة منها (وخصوصا في البلقان) بحامية أو ولية أمر من بين الدول العظمى.
ثالثا:
صفحة غير معروفة