171

بداية ونهاية

تصانيف

فقال فيما يشبه الدهشة: ظننتها عادة غير مستنكرة في الأوساط الراقية! - ليس في جميع الأحوال.

فتمادى في الاستهانة قائلا: اسمحي لي أن أتكلم رغم هذا، إنني قصدت البك لمحادثته في الأمر نفسه؛ لأنه نما إلي أن طلبي عد وقاحة لا تغتفر.

فقالت دون أن ترفع بصرها: يحسن بك أن تؤجل حديثك لحين لقاء البك.

فقال وعيناه لا تتحولان عن وجهها: ولكن ما يسعدني به الحظ من لقائك - وأنت صاحبة الشأن الأول - يحتم علي أن أتكلم، يهمني أن أعرف رأيك، هل يعد طلبي وقاحة حقا؟

فقالت بما ينم عن الضجر: أرجو أن تؤجل حديثك لحينه.

ومع أن ضجرها كان شيئا منتظرا إلا أنه آلمه وأحنقه فقال: إن الذي يسعى إلى يد فتاة يتقدم عادة بخير ما فيه، ولكن يحدث أحيانا لسوء الحظ ألا يروا إلا شر ما فيه، كبعض مساوئ تتعلق بأسرته مثلا.

فنهضت قائمة عابسة وهي تقول: لا مفر من الذهاب.

واتجهت نحو مدخل البهو فلاحقها بصوت مرتفع قائلا: كنت أود أن أسمع رأيك، ولكن حسبي هذا، إني آسف، وأرجو أن ترفعي تحياتي إلى البك.

ودار على عقبيه مسرعا وهبط السلم ثم سار نحو الباب، ومرت بخاطره مناظر متباعدة في سرعة وتدفق؛ كموقفه مع بهية في بيتهم الجديد، وحديث البرديسي في الكازينو، وهذا الحديث القريب «لست عاشقا خائبا والحمد لله، كنت على وشك أن أكونه ولكن الله سلم، بيد أنني رجل خائب، وهذا أفظع! أحب أن أفكر طويلا في هذه الأمور المعقدة. إني أشعر بمرض من نوع جديد؛ أين الداء؟ أين الخطأ؟ أين العلاج؟»

ولما خلص إلى الطريق كان مقتنعا بأنه ارتكب سخافة لا معنى لها.

صفحة غير معروفة