وصاد الغربان السود وصاد بعد ذلك طلقا لم ير مثله قط ولا سمع به.
وذلك أنا ركبنا إلى الجيزة فانتهينا إلى موضع يعرف بكوم الدب، وفيه بركة كبيرة، وفيها غر كثير، فأرسلت عليها الشواهين، وتكنى بعض من كان معنا، وكان على يده شاهين له، فزعق علينا صاحب الشاهين فأمرت أن تطير الغر، فجازت بي واحدة عراضا في السماء، فرميته عليها وزعقت حتى أبصره كل من حضر الموكب فصادها، وكان بين المكان الذي أرسل عليها، والمكان الذي ذبحت في كفه نحو أربعمائة ذراع، فأشبع وقرنص وعلا أمره على الغر وغيرها من الطرائد المقدم ذكرها في كتابنا هذا.
ومن فره البواشق ثلاثة لم يسمع بمثلها قط ولا رؤي، قرنصت عند مولانا صلى الله عليه، فواحد له أربع سنين، واثنان لهما من المدة دون ذلك، فمنها واد يصيد الخضر والغربان السود والبقع ما تغير عن فراهة على ما وصفنا من ذكره، واثنان يصيدان الغربان السود والبقع في الشتاء والصيف جميعا، وهذا عظيم لأن الغراب إنما يصاد آخر السنة عند هياجه وهو وقت الراجع، والمصريون يسمون ذلك الشهر أمشير، وهذا ما لم يسمع بمثله في صيد البواشق، لا في كتاب ولا من إنسان.
وكان لنا باشق وحشي فكسرنا له الغراب إلى أن أتجه عليه، وخرجنا به إلى الصحراء، فكان أول طلقه غرابا أبقع فوق حائط، وهذا عظيم من باشق يصيد ابتداء غرابا فوق حائط، ولم ار مثله إلا باشقا كان لمولانا صلوات الله عليه، فأنه أمرني في بعض الليالي أن أشبعه وشغل هو صلى الله عليه بطير الماء عنه، فأخذته ورجعت، لأطلب به
صفحة ٥٤