الناس بالإسراج والإلجام، وأخذ الأهبة، فتشوف قحطبة فلم ير شيئا يروعه. فقال لخالد: ما هذا الرأي؟ فقال: أما ترى الوحش قد أقبلت؟ إن وراءها لجمعا يكشفها فما تمالك الناس أن يتأهبوا حتى رأوا الطليعة، ولولا علم خالد بالصيد لكان ذلك العسكر قد اصطلم.
وعذل بعض أبناء الملوك في الاستهتار بالصيد، والشغف به، وقيل له أنه هزل وكان أديبا فقال:
ربما أغندو إلى الصيد معي ... فتية هزلهم في الصيد جد
ألفوا الحرب فلما ظفروا ... فتحاملوا أن يعاديهم أحد
واستقام الناس طرا لهم ... فغدوا ليس يرى فيهم أود
وتقاضت عادة الحرب وما ... جمعوه من عتاد وعدد
وجدوا في الصيد منها شبها ... فابتغوها في معاناة الطرد
لترى عادتهم جارية ... لهم باقية لا تفتقد
ولما شهد أبو علقمة المري عن د سوار أو غيره من القضاة وقف في قبول شهادته، فقال له أبو علقمة: لم وقفت في إجازة شهادتي؟ قال: بلغني أنك تلعب بالكلاب والصقور، قال: من خبرك أني ألعب بها فقد أبطل، وإن كان بلغك أني أصطاد بها فقد صدق من أبلغك، وأني أخبرك أني جاد في الاصطياد بها، غير هازل ولا لاعب، فهل وقف مبلغك على الفرق بين الجد واللعب؟ قال: ما وقف ولا أوقفته عليه، وأجاز شهادته.
صفحة ٢٨