وبصوت واضح وحرص شديد هذه المرة على ألا تفوته بادرة، فالبقرة أيام جده كانت بثلاثة جنيهات وكان أبوه - رحمة الله عليه - يقول له: إن أول بقرة اشتراها في حياته كانت بخمسة، قال: بالذمة والأمانة بسبعة وتمانين وربع وبريزة للسمسار.
قال الرجل من تحت شاربه المهوش: هم، هيه، فيها لبن؟
أجاب وأمره إلى الله: ما فيهاش. - وراها عجل؟ - ما وراهاش. - معشرة. - طالبة عشر.
ومرة أخرى قال الرجل، بغيظ مكتوم لا يعرف سببه، وبحزن، لا يعرف سببه أيضا: هم، هيه، مبروكة عليك.
ومشى.
وعند أول منعطف للطريق الجانبي الماضي إلى الطريق الزراعي العام رفع فلاح كان يعزق الأرض المجاورة صوته سائلا: بتقول بالذمة والأمانة بكام؟
فقال: بسبعة وتمانين جنيه وربع وبريزة للسمسار.
فعاد الفلاح يصيح مرة أخرى: بتقول بكام؟
ورفع صوته عاليا جدا، أعلى بكثير مما يجب، لا ليسمعه الفلاح فقط وإنما ليصل إلى كل الرجال القريبين والبعيدين حتى يكفوه مئونة رد آخر: بسبعة، وتمانين، جنيه، وربع، وبريزة، للسمسار.
وقبل أن يسمح لنفسه أن يسمع الرد أو التعليق كان قد أغلق أذنيه ومشى.
صفحة غير معروفة