بين الأسد الأفريقي والنمر الإيطالي: بحث تحليلي تاريخي ونفساني واجتماعي في المشكلة الحبشية الإيطالية
تصانيف
استعمار وطن الشعوب الآيلة إلى الانحلال (كالهند والصين).
الثالث:
الهجوم على القارة السوداء (أفريقيا)، ولكن العالم ديبوا لم يفته وهو يدافع عن بعض نظريات المستعمرين الذين أتقنوا سياسة الاستعمار حتى كادوا يجعلونها فنا جميلا، أن يرجع الأمور إلى أصولها، فأشار من طرف خفي إلى وجوه الشبه بين الاستعمار الحديث وغارات القبائل البربرية في القرون الوسطى على الأمم المتحضرة التي دقت نواقيسها؛ فأضاعها الترف والتطرف في نعومة المدنية، واستنامت إلى ملذات الرفاهية.
هجوم البرابرة على الأمم المتحضرة
تاريخ الأمم هو تاريخ «النزوحات» التي حصلت بينها، وهي أشبه الأشياء بالتموجات الإنسانية الحية، ومظهرها أن قبائل رحالة قوية يضيق بها العيش والمرعى في أوطانها، فتنزح على غير هدى في طلب الرزق، ولا تلبث أن تنقض على بلاد آهلة بالسكان، وشعوب في درجات مختلفة من الحضارة، فتنزل عليها نزول الصاعقة، وتستولي عليها، فتبيد حضارتها تارة، وطورا تخضعها لنفوذها، فإذا تم الإخضاع، فإما تندمج فيها، وتفقد على مر السنين وكر الأعوام مؤهلات الغزو والطغيان، وإما تحتفظ بقوتها فتفني الشعوب الأصيلة عن آخرها.
وضرب العلماء أمثالا لذلك هجوم الهون والفندال والفيزيجوت على روما وأوروبا الوسطى وإسبانيا، فحكموها بعد أن أزالوا ملكها، وخربوها حتى صار اسم «الفندال» علما على التخريب.
6
وكان منهم إباطرة أمثال كراكلا، وكانت لهم نظم فطرية أضافوها إلى ما وجدوه في حوزة الممالك المقهورة. وهجم النورسمان والسكسون من شمال أوروبا على إنجلترا وأيرلندا، فغلبوا القلتيين أو السلتيين على أمرهم.
هذا في الغرب، أما في الشرق فقد أغار المغول والتتار على بغداد، في أواخر القرن السابع الهجري، وهي في قمة مجدها تحت حكم العباسيين، فصنعوا بها ما صنعوا من تخريب وتقتيل، وتحطيم لآثار الحضارة، حتى جعلوا أهراما من الرءوس البشرية، وأغرقوا كل ما وصلت إليه أيديهم من الكتب المخطوطة في نهر دجلة.
وكان لهؤلاء المدمرين زعماء نابهون؛ أمثال: جنكيزخان، وتيمورلنك الأعرج، وغيرهما.
صفحة غير معروفة