بين الدين والعلم: تاريخ الصراع بينهما في القرون الوسطى إزاء علوم الفلك والجغرافيا والنشوء
تصانيف
st. Clement
الإسكندري يعززها فقال بأن المذبح الذي يوضع عادة في الهيكل اليهودي إنما هو «رمز للأرض ووجودها في وسط الكون.» ولم يحتج إذ ذاك إلى شيء أكثر من هذا لتصبح النظرية «الجيوسنترية» معتقدا مستفادا من معتقدات الكنيسة؛ لأنها «تلائم ظاهرة التوراة وتتمشى مع روحها.»
على هذا الأساس نفسه قامت نظرية مقدسة أخرى في حقيقة الكون خلال العصور الوسطى، حتى لقد اعتبرت أثمن كنز تحويه خزائن الكنيسة العظمى. وزعم أنها آخر ما نزل به الوحي في حقيقة العالم. على أن هذه النظرية لم تقم في الواقع إلا على شتات من النظريات الكونية التي راج في بلاد الكلدان القديمة سوقها؛ ومن ثم بثت في تضاعيف التوراة العبرية.
قام بترويج هذه النظرية ثلاثة من فحول الرجال: أولهم ذلك الرجل غير المعروف الذي كتب تلك المقالات التي تنسب عادة إلى «ديونسيوس الأريوباغيطي »
Dionistus areopagite
وسرعان ما شاع الاعتقاد بأن هذه المقالات من منتجات ذلك الآثيني
4
الذي آمن بتبشير «القديس بولص»
st. Paul
ومن ثم بأنها من عمل «القديس بولص» نفسه. على أن هذه المقالات على الرغم مما ظهر من البراهين الناصعة على أنها منتحلة مدسوسة على الذين نسبت إليهم، فإنها اعتبرت - في عهد ذيوعها - من كنوز الوحي والإلهام؛ حتى لقد أرسلها إمبراطور شرقي إلى إمبراطور غربي كأثمن ما يهدى وأجل ما يمنح. وفي القرن التاسع ذاعت تلك المقالات في غربي أوروبا ذيوعا كبيرا، فأصبحت منبعا فياضا ينضح بصور الفكر، وعلى الأخص في حقيقة النظام السماوي. وبهذا تضخمت الفكرات القديمة التي ذاعت في علم الفلك وانتفخت إلى حد أن رتبت كوكبات السماء - بل سميت - على مقتضى الإشارات التي تناثرت بين دفتي الكتاب المقدس.
صفحة غير معروفة