بين الدين والعلم: تاريخ الصراع بينهما في القرون الوسطى إزاء علوم الفلك والجغرافيا والنشوء
تصانيف
Duns Scotus
بين فلاسفة العهد المدرسي، على ما حف بهما من أسباب الحيرة والارتباك قد استنارا بشيء من تلك الخيوط المشعة التي كانت تنبعث من بين طيات الماضي البعيد، فنقلا للخلائف من بعدهما مذاهب في الأسلوب النشوئي في خلق الكون محورة تحويرا ما.
في النصف الأخير من القرن السادس عشر أخذت هذه النظريات النشوئية تتحيز على صورة أدق وبشكل أظهر في عقل النابغة الكبير «جيور دانو بروند»
Jiordano Brund
أول واضع للفكرة الأساسية التي قامت عليها النظرية التي تسمى في الأعصر الحديثة بالرأي السديمي
Nebular Hypothesis
غير أن استشهاده بحكم محكمة التفتيش في روما كان سببا في أن تختفي هذه النظرية وتزول تماما، كما لو كانت قد أحرقتها النيران المتلظية التي التهمت جثمانه سنة 1600 على «الكامبو دي فيوري».
غير أنه لم يمض قرنان على استشهاد «برونو» حتى خطا الناس إلى عالم من الفكر كان من المحتوم أن تفرخ فيه في جوه جراثيم نظرية نشوئية في أصل الكون المنظور سريعا وبلا مهل، فقد تتابع في الظهور خمسة من رواد الفكر الإنساني الذين لم تجد بأمثالهم بطون الأمهات الواحد تلو الآخر، فكانت سلسلة من العظمة والخلود مثل حلقاتها الخمس كوبرنيكوس وكبلر وغاليليو وديكرت ونيوتن، فلم يصلوا إلى نهاية عملهم العظيم حتى فني التصور اللاهوتي في حقيقة الكون وزال من عالم المعرفة العامة، «فالقبة الزرقاء الفسيحة الرحاب»، و«الدوائر البلورية» والواحد القهار متوجا «على دائرة السماوات» واستخدامه يديه أو الملائكة في حفظ الشمس والقمر والسيارات في دورتها المرسومة لخير الأرض وسكانها، وفتح «نوافذ السماء» وغلقها؛ لتنصب على الأرض «المياه المعلقة فوق القبة الزرقاء» و«تعليق قوسه على صفحة السحاب»
5
وإظهار «الإشارات والعجائب» وإرسال المذنبات و«انقضاض الصواعق» انتقاما من الأشقياء، و«هز الأرض» هزة العنيف من الغضب؛ كل هذه أشياء قضى عليها هؤلاء الرواد قضاء لا قيام بها بعده.
صفحة غير معروفة