قال أبو بكر: قول الأوزاعي موافق لظاهر قوله: {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله}.
قال أبو سعيد: يخرج في معاني قول أصحابنا لا جمعة إلا في مصر جامع، ونحو ذلك جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (لا جمعة إلا بثلاثة: مصر جامع وإمام، وأحسب في بعض الحديث عنه (لا جمعة حتى يجتمع لها ثلاثة: مصر جامع، وإمام، /10/ ومنبر)، ومعنى الرواية تصح أن المصر هو المصر، والإمام هو الإمام، والمنبر هو الخطبة، ولا تتم الجمعة إلا بهذه الثلاثة. وفي بعض معاني قولهم: إنه إذا كان إمام عدل وأقام في بلد كانت معه الجمعة، وكان موضع قصر؛ لأن المصر فيه تقام الحدود، ومن حيث أقيمت الحدود كان مصر، وفي معاني قولهم: إنه لا مصر إلا أمصار العرب، وأن الأرض كلها غير أمصار العرب لا يقع فيها اسم مصر، في معنى الجمعة، وقد ثبت في معاني قولهم إن الأمصار الممصرة من أمصار العرب التي قيل إنه مصرها عمر بن الخطاب سبعة أمصار: مكة، والمدينة، ومسجد الجنب من اليمن، والشام، والكوفة، والبصرة، والبحرين وعمان في بعض قولهم إنها مصر واحد، وفي بعض قولهم إنها مصران، فإذا اجتمعا ففي معنى قولهم: إن الجمعة فيهما بصحار، وكذلك الجمعة في عمان إنما هي بصحار، على معنى ثبوتها بالمصر، وعلى قول من يقول: إن الجمعة بالإمام العدل حيثما كان مقيما عادلا يحكم بالعدل، فله وعليه الجمعة في موضع مقامه، وقد قيل إنه لثبوتها في الأمصار تلزم مع الإمام العدل، ومع غيره من أئمة الجور إذا قام بها على وجهها، وإذا كان لا سلطان بالمصر بمكة لم تكن فيه جمعة، وقيل: إن فيه الجمعة على كل حال، ومن قام بها من الرعية فيه لثبوتها في المصر قامت به ولزمت، وقبل: لا تلزم إلا بإمام عدل في مصر ممصر يحضره، وهذا موضع الإجماع عندي في معاني قولهم: إنها تلزم مع الإمام العدل في المصر الممصر، وما سوى ذلك فهو يختلف فيه في معاني قولهم.
صفحة ٩٧