قال أبو سعيد: معي أنه يخرج في قول أصحابنا ما مضى من ذكر صلاة /240/ الموافقة، وهي الخوف، ولا يزال إلى حال الموافقة إلى أن يصير إلى حد الضرب والمضاء به، ويستحيلوا عن حد الموافقة، وصلاة المضاربة والمطاعنة مع اختلاف الضرب في قول أصحابنا بما بشبه معنى الاتفاق أنه بالتكبير، فقال من قال: خمس تكبيرات لكل صلاة، وقال من قال: ست تكبيرات، فإن صلى مصل وأطاق وحمل ذلك نفسه أن يصلي بالقراءة وتمام الصلاة في حد المضاربة، فهو أصح من حيث كان وجهه، لأنه إنما كان التكبير بدلا عن تمام الصلاة ترخيصا، ولا يقطع الصلاة عند الضرورة المضاربة ولا المطاعنة، وقد جاء الأثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بإباحة قتل الحية والعقرب للمصلي إذا جحفتا به في صلاته وخافهما، وأجمع على ذلك القول من أهل العلم، إلا أن بعضا قال يقتلهما ويعيد صلاته، وبض قال: لا إعادة عليه ولا فائدة في قتلهما مع الإعادة، وإنما أن يقتلهما ويمضي على صلاته، لأنه لا يمنعه شيء من الأشياء الدفع عن نفسه، ولا يحيط عندها عمله، وكذلك في معارضة العدو، والدفع عن النفس بمثل هذا من الاختلاف، وأصح ذلك عندي أن لا إعادة عليه، فإن كان الوقت يفوت إن أعاد الصلاة من أولها لم يبن لي أن يكون في ذلك موضع اختلاف فيهما صلاته، وقد ثبت العمل فيهما في وقتهما، ويبدلهما في غير وقتها كلها، وإن أشبه ذلك عندي معنى الاختلاف، إن قدر عليها في وقتها، فذلك حسن إن شاء الله لمعنى الاحتياط. [بيان، 14/240]
صفحة ٩٢