قال أبو سعيد: معاني قول أصحابنا بما يواطئ الاتفاق، يخرج عندي على /152/ إجازة جمع الصلاتين بالقصر للمسافر كان سائرا أو نازلا وأنه لا يجوز الجمع للصلاتين للمقيم إلا بعذر ولو كان بعرفة، وجمع من الحاج ممن هو غير مسافر في ذلك ولم يثبت عندي في معنى قولهم إن له جمع الصلاتين بالتمام ولا بالقصر، وكان عليه صلاة التمام في وقتها، والجمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - في عرفات، وجمع عندي سنة تلزم الأمة بإقرارهم كلهم بها، واختلافهم فيما سواهما، وإنما عرفت الأمة عندي الجمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - في عرفة، وجمع بشهرة ذلك وصحة نقله إلى الآفاق، واختلفوا فيما سوى ذلك لقلة علمهم بثبوت السنة، لأنه لا معنى يدل على إجماعهم أن الجمع جائز في عرفة وفي جمع إلا وهو جائز فيما سواهما، لمن نزل بمنزلتهما للمسافرين، والجمع عندي في قول أصحابنا سنة، يخرج على معنى التخيير للمسافرين، لا على معنى اللزوم، والمسافر عندهم مخير بين الجمع والقصر لكل صلاة في وقتها بصلاة القصر.
ومن الكتاب قال أبو بكر: واختلفوا في الجمع بين الصلاتين، فكان الشافعي وإسحاق يقولان: من كان له أن يقصر فله أن يجمع إن شاء في وقت الأولى منهما، وإن شاء في وقت الآخرة. فقال عطاء بن أبي رباح: لا يضره أن يجمع بينهما في وقت إحداهما. وقالت طائفة: إذا أراد المسافر الجمع بين الصلاتين أخر الظهر وعجل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء، وجمع بينهما، وروي هذا القول عن سعد بن أبي وقاص وابن عمر وعكرمة. وقال أحمد: وجه الجمع أن يؤخر الظهر إلى أن يدخل وقت العصر، ثم ينزل فيجمع بينهما، ويؤخر المغرب كذلك، وإن قدم فأرجو ألا يكون به بأس. قال إسحاق: كذلك بلا رجاء، وأما أصحاب الرأي فإنهم يرون أن تصلي الظهر في آخر وقتها والعصر في أول وقتها، وأما أن يصلي واحدة في وقت الأخرى فلا، إلا بعرفة ومزدلفة.
قال أبو بكر: بقول الشافعي أقول.
صفحة ٧٤