ومنه قال أبو بكر: واختلف أهل العلم في السجدة يسمعها المرء ولم يجلس لها، فقالت طائفة: إنما السجدة على من استمع، كذلك قال عثمان بن عفان، وقال /50/ ابن عباس: السجدة على من جلس لها، وروي ذلك عن عمران بن الحصين. وقال مالك: ليس على من سمع سجدة من إنسان قرأها ليس له بإمام أن يسجد، وبه قال الشافعي وأبو ثور. وقال الشافعي: إن سجد فحسن، وقال أصحاب الرأي في رجل قرأ السجدة ومعه قوم قد سمعوها: إنهم يسجدون معه، وإن سمعوا سجدة غيرها فعليهم أن يسجدوا. وقال طائفة: إنما السجدة على من سمعها، كذلك قال ابن عمر، وقال إبراهيم النخعي وسعيد بن جبير ونافع: من سمع السجدة فعليه أن يسجد، وبه قال إسحاق وابن راهويه وأبو ثور، وقال الشافعي: من سمع رجلا يقرأ في الصلاة سجدة، فإن كان جالسا إليه يسمع قراءته فيسجد فليسجد معه، فإن لم يسجد فأحب المستمع أن يسجد فليسجد.
قال أبو سعيد: معي في قول أصحابنا أنه لا تجب السجدة إلا لمن قصد الإصغاء إليها والاستماع لها، كأنه يريد على معنى الاستماع للسجود، ومن استمعها لغير هذا على غير هذا المعنى لم يكن عليه سجود. وفي بعض قولهم: إن كل من سمعها ولو لم يقصد بالإصغاء والإنصات إليها فعليه السجود، حتى قال من قال منهم: إنه من كان في مجلس فيه ذكر وقراءة، فقرئت فيه السجدة فيسجد الناس فعليه أن يسجد لسجودهم، بمعنى المشاركة لهم. ويخرج في بعض قولهم: أن ليس عليه أن يسجد لمن لا يكون إماما له، وهو مثل المرأة والصبي يقرآن السجدة، فليس له ولا عليه أن يسجد لقراءتها، ولكن يقرأ السجدة هو ويسجد، فهو موضع ما حي عن مالك أنه ليس على من يسمعها ممن لم يكن له بإمام سجودها. وقال من قال: عليه السجود جميع من سمعها من رجل أو امرأة أو صبي.
صفحة ٥٩