قال أبو سعيد: ومعي أنه يخرج في معنى سجدة (حم) أن السجود منها على تمام الآية {وهم لا يسأمون}، وأما ما يقال في السجود فمعي أنه يخرج في قول أصحابنا أنه ما يقال في سجود -لعله- السجدة ما يقال في سجود الصلاة. ومعي أنه إن سبح بغير ذلك من التسبيح أجزأه ذلك إن شاء الله.
ومنه قال أبو بكر: ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجد في (ص)، واختلفوا في سجود (ص)، فروينا عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان أنهم سجدوا فيها، وبه قال جماعة من التابعين، وهو قول سفيان الثوري وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبي ثور وأصحاب الرأي. وفيه قول ثان وهو أن لا سجود في (ص)، وممن كان لا يسجد فيها ابن مسعود وعلقمة، وبه قال الشافعي.
قال أبو بكر: القول الأول أصح، لخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
/47/ قال أبو سعيد: معي أنه يخرج في مصحفنا معنى الاتفاق في القراءة أن السجدة سنة من سنن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأن من تركها دانيا أو استخفافا بثوابها كان هالكا، ومن تركها على غير ذلك فهو خسيس الحال، ولا يبلغ به ذلك إلى براءة، ولا إلى ترك ولاية.
ومنه قال أبو بكر: ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ (النجم) فسجد لها، واختلفوا في سجود (النجم)، وكان عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وابن مسعود وعبد الله بن عمر يسجدون في (النجم)، وبه قال سفيان الثوري والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأصحاب الرأي، وقال مالك بن أنس: ليس في المفصل سجود، وقال الأوزاعي وأبو ثور: إن يسجد فيها فحسن.
قال أبو بكر: السجود فيها أحب إلي.
قال أبو سعيد: لا أعلم في قول أصحابنا ثبوت سجود في سورة (النجم)، وإن كان القراءة فيها أشبه بمعنى السجود، فإن سجد ساجد بمعنى الطاعة لله لم يبن لي في ذلك أنه مخالف للحق، فأرجو له الثواب، وإن ترك ذلك فلا أعلمه مما قال أصحابنا أنه موضع السجود.
صفحة ٥٥