قال أبو سعيد: معي أنه يخرج معنى الاتفاق مما أدركنا عليه الثابت في مصحفنا، بلا معنى اختلاف في مصحف من المصاحف، ولا قراءة ثبوت ما يروى في أول الفصل عن ابن عباس وابن عمر أن سجود القرآن إحدى عشرة سجدة، وهي: (في الأعراف سجدة في آخرها، وفي الرعد سجدة على نحو العشرين آية، وفي النحل سجدة على نحو الأربعين منها، وفي بني إسرائيل سجدة، وهي عند تمامها، وفي مريم سجدة، وهي منها بعد الأربعين آية، وفي الحج سجدة، وهي منها على نحو من اثنين وعشرين آية، وفي سورة الفرقان سجدة، وهي فوق الخمسين آية /46/ منها، وفي سورة النمل سجدة، وهي منها فيما دون العشرين آية، وفي سورة ألم السجدة فوق العشر آيات، وفي ص سجدة، وهي منها دون العشرين آية، وفي حم السجدة على نحو ثلاثين آية) فهو الذي عليه الاتفاق من قول أصحابنا، ولا اختلاف في معنى ثبوت السجود في هذه الإحدى عشرة سجدة التي ذكرناها، وما سوى ذلك فمن سجد في شيء منه فسحن ذلك ما لم يتخذ ذلك دينا أو يخطئ من تركها.
ومنه قال أبو بكر: واختلفوا في الآية التي يسجد فيها من (حم) السجدة؟ فقالت طائفة: يسجد في الأولى منها {إن كنتم إياه تعبدون}، ويروى هذا القول عن ابن عمر، وبه قال الحسن البصري وابن سيرين وأصحاب الرأي وعبيد الله، وقال الأعمش: أدركت إبراهيم وأبا صالح وطلحة والزبير يسجدون الأولى، وبه قال مالك بن أنس والليث بن سعد. وقالت طائفة: السجدة فيها عند قوله: {وهم لا يسأمون} وروي ذلك عن سعيد بن المسيب وابن سيرين وأبي وائل، وبه قال سفيان الثوري وإسحاق بن راهويه، وكان أحمد بن حنبل يقول في سجود القرآن ما يقول في سجود الصلاة. وقال إسحاق: ليقل ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : "سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره إلى رب ظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت".
صفحة ٥٤