وبذلك أحنقوه عليهم، ومعه جميع أحزاب ألمانيا، بل إنهم أثاروا على أنفسهم كراهية جميع الوطنيين العثمانيين عندما منعوا جنودهم في لاميج من تنفيذ الأوامر التي تلقوها، وأغروا أمير تلك البلاد على التنكر للسلطان، وكذلك الحال حين حرضوا العثمانيين على رفض المذكرتين، ثم انضموا بعد ذلك إلى الدول الأوروبية الكبرى الأخرى عند قبولها لمذكرة الآستانة.
وقد حدث هذا نفسه عندما أوحوا للعثمانيين بأنهم سيعينونهم على أعدائهم إذا هم قاتلوا، ولكنهم تركوهم - وهم في أشد الحاجة إليهم - بعد أن قادوهم إلى الحرب التي يعرف الجميع نتائجها، وكذلك حين عارضوا معاهدة سان ستيفانو، وجاهدوا في سبيل انعقاد مؤتمر برلين، بالرغم مما عبرت عنه جميع الصحف حين فضلت المعاهدة السابقة للعثمانيين على المؤتمر من حيث المزايا، ويمكن أن تضيف إلى هذا كله أنهم؛ أي الإنجليز أيضا، كانوا السبب في مذبحة المسلمين في البوسنة والهرسك.
لقد اكتسبوا، علاوة على هذا، كراهية مرة من جانب روسيا التي سوف تثأر لنفسها في القريب العاجل، وذلك بإصرارهم على دخول سفنهم البوسفور، وحشدهم القوات في مالطة، ومحاولتهم تجاهل معاهدة سان ستيفانو، وإعلانهم عن نيتهم للاستيلاء على ممري بولان وخيبر، واقتراحهم مد سلطتهم على جزيرة رام هرمز التي تعد أقرب طريق إلى ساجستان على حدود قندهار، وقد أثاروا اشمئزاز اليونانيين أيضا بعجزهم عن حفظ وعودهم لهم.
أما بالنسبة للفرنسيين فقد زال كل أثر للصداقة من جانبهم نحو الإنجليز:
أولا:
لأن هؤلاء حرضوهم على الدخول في حرب مع بروسيا، وغرروا بهم حين كان واجبهم أن يؤيدوهم.
وثانيا:
لأنهم - الإنجليز - تخلوا عن التوسط بينهم حتى تسببوا في تضحيات جسيمة للفرنسيين كان يمكن توفيرها لو أنهم وقفوا بجانبهم، أو تفاوضوا طبقا للمعاهدة.
وثالثا:
لأنهم زعموا سيادتهم على قبرص التي تعد ذات مركز مهم كبوابة إلى سوريا وآسيا الصغرى ومصر، كما هو معروف عامة.
صفحة غير معروفة