قصد الذات أو قصد نحو (1) كونه ذات تلك اللوازم، فان كان المقصود معرفة الذات لم يكن هذا التعريف الذي هو بلازم غير بين ولا ناقل للذهن الى تلك الحقيقة التى هى للذات رسما.
وان كان المقصود من ذكر هذا اللازم تعريف كون هذا الشيء بحيث يلزم
وحاصل ما قاله أن البسائط لا يمكن أن يكون لها حد بالمعنى السابق وهو المركب من مقومات الشيء، اذ البسيط لا مقوم له ولكن البسائط تعرف أيضا كما أن المركبات تعرف، فيكون تعريف البسائط بالرسوم وهو التعريف باللوازم وتقوم الرسوم لها مقام الحدود للمركبات اذا كانت اللوازم بينة، فان اللوازم البينة ما لا تحتاج الى وسط فهى لازمة عن الذات فتمثلها للذهن على وجه أشبه بتمثيل الحد للماهية المركبة.
أما ان لم تكن بينة بأن كانت محتاجة الى وسط، فقد علمت ان ما ليس بينا لا يصح أن يكون معرفا لملزومه كمساواة زوايا المثلث لقائمتين.
فلو قصد باللوازم الغير البينة شرح الحقيقة وتعريفها لم يكن ذلك رسما لها كما عرفت.
أما اذا قصد بذكر اللوازم الغير البينة تمييز الشيء بكونه بحيث يلزم عنه هذه اللوازم أى ما حاله أن تعرض له هذه العوارض أى تعريفه بأنه هو الشيء الذي تعرض له تلك العوارض، كان التعريف بتلك اللوازم الغير البينة رسما يقوم مقام الحد أيضا.
لأن كون الذات هى الذات التى تعرض لها العوارض أمر اعرف من الذات نفسها اذ لم ينظر فيه الا الى كونها هى معروض العارض.
وهذا أمر قد يعرف بالمشاهدة أو بغيرها مع أن العارض غير بين اللزوم، كتعريفك النفس الناطقة فى الانسان بأنها قوته التى هى مناط اتصافه بالحكمة.
فان عروض الحكمة للانسان لقوة فيه تزيد عن مجرد الحيوانية أمر معلوم لكل من ميز بين الانسان وغيره، لكن كون ذلك لازما من لوازم النفس الناطقة يحتاج الى بيان طويل عريض.
ولذلك قال ان تعريف القوى الفعالة مثلا بأفعالها هو من هذا القبيل لأنها لا كون لها يعرف الا كونها بحيث تصدر عنها هذه الأفعال، وهو الكون الذي يعرض لها عند تعريفها أى توصف به بقصد التعريف.
صفحة ١٥٢