بحوث ومقالات في اللغة
الناشر
مكتبة الخانجي بالقاهرة
رقم الإصدار
الثالثة ١٤١٥هـ
سنة النشر
١٩٩٥م
تصانيف
وقد ظل هذا التطور سائرا في طريقه في لهجات الخطاب، حتى ساد وحده، وقضى على الظاهرة القديمة، ففي اللهجة العامية المصرية نقول مثلا: فلان اصدعت دماغه، واسرع في كلامه. ولا أثر للصيغة القديمة في لهجات الخطاب، إذ لا يقال فيها مثلا: فلان تصدعت دماغه، وتسرع في كلامه.
وكذلك الحال في صيغة: "تفاعل" إذ ماتت هي الأخرى، وحلت محلها صيغة "اتفاعل" التي شاهدنا مولدها في عصر نزول القرآن الكريم، إذ نقول الآن في لهجات الخطاب: فلان اشَّاتم مع فلان، واصَّالحوا سوا، بدلا من: تشاتم، وتصالحوا.
بل لقد سادت صيغتا: اتفعل واتفاعل، في اللهجة العامية المصرية، حتى ولو لم يكن في الأصل صوت من أصوات الصفير، أو الأصوات الأسنانية، كقولنا مثلا في لهجة الخطاب: "اتفرج" و"اتبهدل" وغير ذلك.
ومن أمثلة بدايات التطور في الظواهر اللغوية، في العربية الفصحى كذلك، ما حدث في صيغة: "انفعل"، منذ عصور العربية الأولى، فقد كانت هذه الصيغة موضوعة للدلالة على مطاوعة الفعل الثلاثي، أي قبول أثر هذا الفعل، مثل: "كسرت الإناء فانكسر"، و"فتحت الباب فانفتح"١.
_________
١ في المخصص لابن سيده ١٤/ ١: "ومعنى قولنا "مطاوعة" أن المفعول به لم يمتنع مما رامه الفاعل، ألا ترى أنك تقول فيما امتنع مما رمته: دفعته فلم يندفع، وكسرته فلم ينكسر، أي: أوردت أسباب الكسر عليه فلم تؤثر".
1 / 78