377
موسى وهارون قد ماتا في التيه، وهلكت تلك العصابة ولم يبقَ منهم إلا يوشع وكالب، فخرج يوشع بذرياتهم إلى تلك المدينة، وفتحوها عند غروب الشمس. وذكر في الخبر أن يوشع دعا بأن ترد الشمس فردت ثلاث ساعات حتى فتحوا البلدة، فاختلفت النجوم عن مجاريها من ذلك اليوم، فخفي على المنجمين، فلما بقوا في التيه ندم موسى على دعائه، فأوحى الله تعالى إليه فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ يعني لا تحزن على قوم سميتهم فاسقين. وقال بعضهم: هذا الخطاب لمحمد ﷺ لا تحزن على قومك إن لم يؤمنوا. ويقال: أَرْبَعِينَ سَنَةً صار نصبًا بمعنى يتيهون لأن في التفسير، إن دخلوها لم يكن محرم عليهم أبدًا. كذا قاله ابن عباس ﵁. وإنما دخلها أولادهم. وقال قوم: حرمت أربعين سنة فكانوا يتيهون أربعين سنة وفتحوا.
قوله تعالى:
[سورة المائدة (٥): الآيات ٢٧ الى ٣١]
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْبانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٢٧) لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ (٢٨) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ (٢٩) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ (٣٠) فَبَعَثَ اللَّهُ غُرابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قالَ يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (٣١)
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ يعني اقرأ على قومك نَبَأَ يعني خبر ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ يعني بالصدق إِذْ قَرَّبا قُرْبانًا وذلك أن حواء- ﵍ ولدت غلامًا وجارية في بطن واحد، قابيل وأخته إقليما، ثم ولدت في بطن آخر هابيل وأخته ليوذا، فلما كبروا أمر الله تعالى بأن يزوج كل واحد منهما أخت صاحبه، وكانت أخت قابيل أحسن، فأبى قابيل وقال: بل زوج كل واحد منا أخته، فقال آدم: إن الله تعالى أمرني بذلك. فقال له قابيل: إن الله تعالى لم يأمرك بهذا، ولكنك تميل إلى هابيل. فأمرهما بأن قربا قربانًا، فأيكما تقبل قربانه كان أحق بها، فعمد قابيل وكان صاحب زرع إلى شر زرعه ووضعه عند الجبل، وعمد قابيل وكان صاحب مواشي إلى خير غنمه فوضعها عند الجبل، وكان قابيل يضمر في قلبه أنه إن تقبل منه أو لم يتقبل لا

1 / 383