وفي شهر شوال منها أصبح فقيه يقال له: بدر الدين وهو[33/أ] من أولاد الفقيه مهدي بن محمد المهلا بحانوت بصنعاء ميتا، وقد حرق فراشه وحوائجه، فقيل: إنه يجعل كل ليلة مستوقدا عنده لأجل شرب التتن، فحرق من ذلك وغم نفسه الدخان المستكن.
وفي رابع وعشرين شهر شوال وقع قران الزهرة لزحل ببرج الحمل على حساب المتأخرين والزيجات، وعلى تقسيم البروج للأولين كان برج الحوت،وكانت الزهرة هي المرتفعة على زحل.
وفي هذا الشهر استخرج محمد بن الإمام بجبل ثايبة من بلاد نهم معدنا حديدا، إلا أن فيه قساوة كبيرة، وأعماله عسيرة وأدخلوا منه إلى صنعاء فلم يصلح للحدادين بل يكسر حال الوقيد والمطارق، فتركوه وأهملوه؛ لأنه غير مطابق، ولعله أحد أخوي الفضة، لكنهم ما عرفوا جمعه وعقده. وكان أمر الوالي أن يعتنى بمعدن الفضة الذي كان فيها، ولم يحصل على طائل لعدم معرفة الإكسير فيها. وكان هذا المعدن في مدة المنصور بالله عبد الله بن حمزة يستخرج منه شيخ البلد، ويأخذ الإمام فضة منه الخمس فيما حصل من العدد كما ذكره صاحب سيرته، ولم يبق له هذا الزمان من يعرف صنعته، لأمر لله فيه حكمة، وإنما يصنع في هذا الجبل الرصاص.
وفي هذا الشهر جاء الخبر مع العمانيين وأهل البصرة والحسائيين من التجار المسافرين أن صاحب عمان صالح الفرنج[33/ب] وأمن البحر.
قال الراوي: وكل ذلك لأجل أن صاحب عمان قد ولع بالتجارة والأسباب، وأن أكثر الخارج في البحر وكلاء له في السبب. والفرنج كانوا يخافونه قبل ذلك، فلما عرفوا أنه قد ولع بالسبب لم يختلفوا به؛ لأنهم كانوا يتحسسون لخروج جلابه وبراشه ويلقونها؛ لأنها لا تخرج إلا للحرب وشحنها.
صفحة ٣٤٠