161

وفي يوم الخميس سابع عشر شهر رجب[132/أ] خرج أحمد بن الحسن من صنعاء إلى الغراس، مظهرا للغضب على قاسم ابن الإمام ومن إليه من الناس، وعاتبا على من لم يقل بإمامته، وذكر لهم اجتهاده في العلم، فلا يعتقدون أنه على طريق الحسبة في إمرته، لما رأى في بعض الجوابات التي أرسل بها قاسم إليه ممن حضر حضرته، وأن في بعضها أنهم نظروا في قيام المذكور من باب الصلاحية على جهة الحسبة وجمع كلمة المسلمين.والمذكور إذا وردت عليه الفتاوى لا يجيب في شيء منها بل يتركها أو يحيلها على من يجيب فيها ثم يضع علامته عليها، وقد يجيب في شيء منها كيف اتفق الجواب. والقاسم بن المؤيد وصل إليه بعض الفقهاء من جهات صعدة لخبرته والنظر في معرفته، فلم يجد عنده في الأصول معرفة، ولا قدر يجيب عليه فيه بالحقيقة، بل وهم في مسألة العموم، وقال: إنه قطعي، ولم يظهر عنده التفاصيل فرجع المذكور هو وآخر معه وامتنعوا من بيعته وقالوا: (تسمع بالمعيدي خير من أن تراه)، والظاهر أن بعد قيام هذه الدعوات لا تنحسم إلا بحكم قاهر[132/ب] للخصمين، وإنما ينبغي السعي للمعترفين في الصلح إن علم أنهم يدخلون فيه أو ظن وإلا فالترك لذلك أولى، ولا يجب غيره لمن عرف بتفرق الأهواء. ألا ترى أن أحكام الشريعة لا تتم إلا بيد منفذة لها، وهي الدرجة العلياء! فكيف ولا يد منفذة هناك وإنما هي فرقة! ولذلك أن التحكيم الذي حصل بين علي ومعاوية بعد الفرقة لم يتم له، وبطل أمره، وغيره قد جرى مع الأئمة، فإنهم يتناظرون ولا يرجعون في الغالب إلى ترك ما يطلبون،ومنهم من يرجع ببذل شيء من الدنيا.

وقد طلب قاسم بن المؤيد المناظرة أولا والتحكيم، وينفذ تمامه بعد الفرقة والمراكزة، إلا أن يحصل مع أحدهم غلبة وقهر له أو بذل لما يطلبه.

صفحة ٤٦٠