وفي هذه السنة والتي قبلها أصاب رجلا في يده آكلة، ما زال معذبا بها مدة طويلة، لا يذوق فيها المنام، ولا يهنيه الشراب والطعام، حتى أجافت، ولا يقدر أحد يدخل منزله، الذي فيه مسكنه. وكان المذكور سنادارا أولا في مسجد الخراز، ثم في مسجد الأبهر، وكان شابا طويلا عظيما، ويقال: إنه من القبائل، ليس من أهل المدينة، ثم أنه لما طال به ذلك ولم ينفعه الدواء قطع يده اليمنى باختياره، أمر من يقطعها له[106/أ] ودملها بالسمن والقطران، وكان قد أشرف على الموت، ونحل جسمه، وصار عبرة لمن رآه. وسبب ذلك كما وصف الواصف أنه أفسد وجنى هو وآخر معه، وكان قد طال عمله وفساده، ثم إن والي المدينة محمد بن الإمام طلبه، فاعترف صاحبه، فأقام عليه حد الزنا، وهو مد يمينه لليمين فيما وقع منه وجنى، وربما قد فعل غيره من السيئات والعظائم من نحو السرقات، فوقع فيه تعجيل العقوبة، فنعوذ بالله من سخط الله، ونسأل الله الحماية وحسن الخاتمة، فمن رأى حالته هالته، وعلم أن التجارئ على الأيمان وسائر الكبائر والعصيان عظيم الشأن، وأما الأيمان الفاجرة فالأغلب فيها المعاجلة، فقد رأينا عقاب أهل وادي السر بأيمانهم الفاجرة، كما سبق ذكره فالحذر الحذر من التساهل في الأيمان والطغيان.
وفي هذه الأيام أمر الإمام[106/ب] في جميع اليمن أن تقوم أموال الذميين وأملاكهم، ويؤخذ منهم العشر، فجمع للإمام شيء كثير من ذلك.
وفي هذه السنة سار حسن بن الإمام إلى جهات فيفا، أخذ منهم شيئا من الطعامات؛ لأنهم لا يسلمون الزكاة، ثم طلع جبل رازح.
صفحة ٤٢٦