وفي هذا الشهر توفي صلاح نصار في بلدة الظهرين من حجة، وكان تاجرا كبيرا وحصل معه التأثر والمرض والألم من حال انكسرت الجلبة عليه في البحر، وراح عليه من المال ما يقابل حول ثلاثين ألفا من القروش، وما لحقه من الخسارة في صافي البن العام الماضي بسبب الهجوة وتحارقه في الغرائر وعفنه لشحنه قبل جفافه ويبسه، فلم يصل إلى جدة إلا وقد بطل بسببه، والمال الذي معه له وللسيد علي بن حسين جحاف والي حجة، وكان قد تضرر منه كثير من الزرعة والمتسببين، من أجل أنه كان يجمع الصافي بالصلبة في المخازين، فإذا وصل تجار الشام[94/ب] إليها وشرع البيع والشراء فيها باع من الواصلين بناقص بعض شيء مما باعه سائر الناس، لوسعة ما معه لأجل الترغيب أن يشتروا ما قد جمعه، فيشترون منه جميع ما قد معه، ويتركون الشراء من الزرعة وسائر المتسببين، ثم يشترون ويستغنون، فبعد ذلك يبقى حق الزراع متخمنا، لا يجدون من يشتري منهم ولا يبذل ثمنا وهو يشق بهم عوده إلى بلادهم، فيتحكم فيهم ابن نصار في الثمن، ويشتري به منهم بدون ما باعه، ويخزنه في السمسرة ينتظر لمن يصل من التجار من الشام، هذا كان دأبه وحاله في بيعه وشرائه، وهذا منه خداع للمسلمين ، فكان الواجب عليه أن يعرض البضاعة من جملة غيره، ويبيع معهم[95/أ] من غير أن يستميلهم ويجرهم إليه ويطمعهم، بل يبيع من طرف ماله، ويشارك غيره، وما جرى به السعر مع طرح البضاعة، فالله المسعر، وليس له أن يتحجرهم، بل عليه الرعاية للمسلمين، والاشتراك مع غيره من البائعين المشترين، فلهذا السبب ما زال الواصلين بالبن من الصافي إلى الصلبة يدعون عليه.
وظهر في هذا الوقت نقص بيع بني نصار وشراهم عما كان؛ لأجل ما انكسر فيه المذكور، ثم تفرقهم من بعده.
صفحة ٤١٤