(4)(فانتعشت عقولهم بالذكر وبسقت أسرارهم بالفكر) يقال انتعش العاثر اذا نهض من عثرته، و (العقول) جمع عقل وقد اختلف فيه فقال الشافعي: "هو آلة خلقها الله في عباده يميزون بها بين الأشياء وأضدادها ركبها فيهم سبحانه ليستدلوا بها بين الأمور الغائبة بالعلامات، نصبها لهم منا منه ونعمة". وقال قوم: هو معين(_( ) في (أ): معنى. والتصحيح من (ب). _) في القلب وسلطانه في الدماغ؛ لأن أكثر الحواس في الرأس، ولذلك قد يذهب بالضرب على الدماغ. وقال آخرون: هو قوة وبصيرة في القلب منزلته منه منزلة البصر من العين ويسمى عقلا لكونه مانعا للنفس عن فعل ماتهواه مأخوذ من عقال الناقة المانع لها أن تذهب حيث شاءت وهومخلوق في الإنسان أن يزداد وينتقص جميع المعلومات بحس وغيره اليه مرجعها وهو يميزها ويقضي عليها.
و(الذكر) القرآن العظيم وهو أصل للعلوم بأسرها فما من أصل إلا وهو مستنبط منه؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :(العلم كله القرآن وهو الأصل والتنزيل وما بعده من العلم تفسير له وتأويل((_( ) لم يتيسر لي العثور عليه. _)، وسماه ذكرا لقوله تعالى: { وهذا ذكر مبارك أنزلناه } الأنبياء : 50 .
وقول الناظم: (بسقت) أي طالت كما عن مجاهد وعكرمة في تفسير قوله تعالى: : { والنخل باسقات } ق : 10 ، والمراد ب (الأسرار) العقول وضع الظاهر في موضع المضمر على لفظ غير الأول وهو أحسن ما يكون فيه، و(الفكر) حركة النفس في المعقولات، وحركتها في المحسوسات تخييل.
(5)(فأبرزوا نتائج الأفكار فأعربت عن شرف المقدار)
(الإبراز) نقيض الإستار، و (النتائج) هي التي تنشأ عن الفكر جمع نتيجة؛ وهي لغة الثمرة واضافة النتائج إلى الأفكار من باب اضافة المتسبب إلى السبب، (فأعربت) أي أبانت، و(شرف المقدار)(_( ) تصحفت هذه العبارة في (أ) فكتبت: أي أبانت فأعربت المقدار. والتصحيح من (ب). _) عبارة عن الرتبة العالية التي وصلوا اليها ووقفوا لديها بواسطة العلم.
( 6)(ثم صلاة الله مع سلامه مصطحبان بسنا انعامه)
صفحة ٤١