فوضعت رسم والدتها على شفتيها، وأخذت تقبله بحب، وتبلله بدموعها، ثم ضمته إلى قلبها، ووضعت يديها فوقه، ونظرت إلى الرجل قائلة: هل انتهيت من قراءة الكتاب يا سيدي؟
أجاب: نعم.
قالت: إنني أقبل هذه الصورة، ليس لأنني صدقت بأنها والدتي، بل لأن لها علي فضلا لا ينكر حينما كنت في المدرسة.
قال: وهل أنت في ريب من أنها والدتك؟
قالت: نعم؛ لأنني أجهل هذا قبل الآن.
قال: أؤكد لك بشرفي بأنها والدتك، وهي من شريفات دمشق الشام، وما كان كتمها هذا الأمر عنك إلا رغما عنها، وإنني صرفت في خدمتها عشر سنوات ولم أعرف قصتها إلا من شهور فقط.
قالت بحزن: وما هو السبب الذي حملها على كتمان حقيقة الخبر عني؟
قال: ألم تقرئي شرطها عليك في الكتاب؟ فهي لا تقدر على إفشاء هذا السر إلا مشافهة، وأنت شريفة يا عزيزتي ويجب أن تثقي بكلام والدتك الشريفة.
فأطرقت بديعة إلى الأرض تفكر، ثم قبلت صورة والدتها ثانية وقالت لميخائيل: إنني أثق بكلام والدتي وبكلامك يا سيدي؛ لأنك رسول أمين لا تقول إلا الصدق. ثم تنهدت وقالت: إنني أشكر الله الذي شاء أن يمحو بعض عذاباتي الماضية.
فقال الشيخ ناظرا إليها: وهل تعذبت كثيرا يا سيدتي؟
صفحة غير معروفة