إنك قد تركت الأهم والأعظم من مقصود القوم ، وهو - محض نظرهم وغاية أملهم ، وذلك أن المعلم النصراني يختلي بهؤلاء الصبيان من أولاد المسلمين وغيرهم في وقت مخصوص وساعة معروفة ، فيلقنهم ما شاء من الكفريات التي تسلخهم من فطرة الإسلام رأسا ، ومن نفحات تلك المكفرات ما ذكرته عن ذلك النصراني من سب سيد الأنبياء عليه أفضل الصلاة والسلام ، وما ذكته من تعليم التوحيد وما بعده من الخصال فهو ذريعة إلى تدريجكم إلى المهاوي ، وإلقائكم في المهالك ، ولا بد للفخ من حب يقع عليه الطائر ، فلو جاهروكم بمرادهم وكشفوا لكم أغراضهم ، لقفت شعوركم ، واقشعرت جلودكم ، واشمأزت قلوبكم ، ونفرتم عنهم كل نفرة ، لكن القوم أدرى بمصائبكم ، وأعرف بمكائدكم ، فهم أشد من الأفاعي لينا وعداوة ، وأروغ من الثعلب ، وأخدع من السراب ولهم في المكر أبواب يعجز عنها الشيطان ، فهم نظير الشاعر المجاهر بقوله :
وكون المدرسة من أبناء المسلمين لا يهون الأمر بل يعظمه ، فإنه خفف عنهم مؤنة البناء ، وزادهم استطالة على المسلمين حيث ورثوا أرضهم وديارهم وأموالهم ، عكس الحال الذي عليه أسلافهم مع أسلافنا ، ذلك بما كسبت أيدكم .
الله المستعان ، ما مثلنا عند هؤلاء النصارى إلا كمثل بني إسرائيل عند عدوهم بختنصر ، عافيتك اللهم وعفوك ونصرك وتأييدك ، أغث حرمة الإسلام يا غياث المستغيثين .
صفحة ٥