وينقسم رجال لوائكم المنصور يا سيدنا رشاد أفندي إلى فريقين ، فريق شرعي وفريق سياسي ، أما الفريق الشرعي ، فهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أخوف ما أخاف عليكم من رجل يقول بما تقولون ، ويفعل ما تنكرون ) ، أو كما قال صلوات الله عليه : ( فأفعال هذا الفريق إنما جاءت برمتها رمدا لجفن الدين ، وليس الله في علمهم شيء ولهم من الوعيد ما يسبقون به عبدة الأوثان ) ، وأما الفريق السياسي فهو الذي أساء إلى نفسه ، وأهمل ما يجب عليه في ضبطه شأنه ، ومن كان لنفسه ظالما كان لغيره أظلم ، وقد وجدنا في سياستهم مطعنا ، وانتهينا إلى معرفة أسبابه تفيئهم ظل النفس والهوى ، فطاب لهم المقام ، في منزل الجسمانية ، والمعالم الظلمانية ، التي تناهت بهم إلى ما تراه الآن من الفتنة العمياء الصماء البكماء ، التي لا تسمع لناعق لها ، ولا تنساق لقائدها ، فلا يرجى الحق أن يطلب فيهم ضالته ، ولا للصواب أن يصيب نشدته ، فالله الله يا سيدنا رشاد أفندي في اللغة العربية التي أنتم أولياءها ، ولا يسدد أمركم إلا بها ، لأنها لغة مورثكم النيابة المقدسة ، ولا يصلح شأنكم إلا بها لأنها لغة القرآن ، والله تعالى يقول : (( وذكر بالقرآن من يخاف وعيد )) فإذا خفت الوعيد يا ابن عبد المجيد قرة عين أهل التوحيد ، عدلت وأنصفت المظلوم ، وآويت المضطهد ، وأغثت الملهوف ، وأعنت الطالب ، وسددت أمر المسترشد ، وأعطيت الفقير ، ورحمت الكبير ، واحترمت أهل الطاعة فدخلت الجنة ، فإذا لغتها العربية ، واعلم أن رعيتك فريقان ، فريق عام أهل الشعب ، فهو موضوع السيف ، وفريق خاص أولوا التوفيق وهو موضوع القرآن ، لأن العامي يرى السيف فيرتدع .
صفحة ٤٢