وقال في الفصل الثامن عشر : أيها المسلمون إن إدخالك ولدك إلى هذه المدارس النصرانية - أمر عظيم ، وبلا جسيم لا أقدر أن أصف لك عظمته وجسامته ، ومن ذلك أنك ربما يكون بوضعك ولدك فيها على الوجه المذكور سببا لكفره وكفر ذريته من بعده ، ويحتمل أن يخرج منه من الذرية ألوف كثيرة ، فتكون أنت السبب في ضلالهم ، وعليك فوق إثمك مثل إثمهم أجمعين . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من سن سنة سيئة فعليه إثمها وإثم من عمل بها إلى يوم القيامة ) . والمتسبب بالخير كفاعله ، فكيف ترضى لنفسك ذلك ، وأن تكون جد قوم كثيرين كلهم أهل كفر وضلال ، ولكن لا غرابة في رضاك لهم بذلك إذا رضيت به لنفسك ، فسلكت بها أقبح المسالك ، وأوردتها شر المهالك ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
وقال في الفصل الحادي عشر : أنت تعرف أيها الإنسان قلبك وما انطوى عليه من العقائد الدينية فان كنت تعلم أنك غير مسلم ، وغير معتقد عقائد الإسلام ، فما ينفع معك كلام ، لأنك زنديق منافق ، وقد اخترت لولدك من الزندقة والنفاق ، ما اخترته لنفسك ، فأنت وهو إذا تبعك على ضلالك في الدرك الأسفل من النار وبئس القرار وإن كنت مسلما حقيقة معتقدا عقائد الإسلام ، وهذا هو ضننا فيك ن والله يهدينا ويهديك ، فما لك تفرط في دين ابنك هذا التفريط العظيم ، بل تفرط في دين نفسك أيضا وترتع أنت وابنك في هذا المرتع والوخيم ، فإن كان قد حسن لك الشيطان وأعوانه هذا الأمر القبيح ، فها أنا وأمثالي نوضح لك قبحه ووبال غاية التوضيح فلم تطيعهم وتعصينا ؟ ونحن ندعوك إلى الجنة ، وهم يدعونك إلى النار ، ونحن نتسبب بنجاحك وهم يتسببون لك بالهلاك والدمار ، مع معرفتك يقينا أننا أعرف منك فيما يصلح الدين وما يفسده وما يقرب الإنسان من الله وما يبعده ، فالله الله ، اتق الله في نفسك وولدك ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
صفحة ١٤