3
فدخل بنو هاشم وبنو عبد المطلب مؤمنهم وكافرهم في الشعب
3
ليمنعوا رسول الله، ويحموه من القتل؛ إلا عمه أبو لهب لعنه الله
3
فإنه ظاهر عليهم قريشا، والآن لا يدخل إلى بني هاشم من طعام إلا النزر اليسير، ومن ثياب إلا القليل، وترى المؤمنين يحتالون لإطعامهم كل محتال، ولكنهم يلقون في ذلك شدة وعذابا من الكفار، وأصبح كثيرون من بني هاشم لا يجدون من طعام إلا الخبط وورق الشجر
3
ولذلك فإنه؛ أي: طويف، لم يعلن إسلامه لأحد من أهل مكة، وكان في نيته أن يحتال لدخول الشعب بشيء من الطعام.
فلما سمع ورقة هذا الكلام تألم ألما شديدا، وتذكر ما كان الحارث قد ذكره منذ عام من ائتمار قريش ببني عبد المطلب ليلة عتق فتنة، وطلبه إليه أن يصلي لله ويدعوه أن يكف عنهم هذا الأذى، وصمت ورقة يفكر في حال سادته، وأهل بيت نبيه الذي يفتديه بروحه، وصح عزمه على ألا يدخل مكة إلا ومعه مقدار عظيم من الطعام الذي في القافلة، وأن يعمل كل حيلة في إيصاله إلى بيت رسول الله في الحصن المحصور؛ ليأكلوا منه عشية يومه، ثم اتجه ورقة إلى السماء رافعا يده إليها، وتمتم بكلمات عاهد فيها ربه على أن لا يذوق من ساعته زادا حتى يأكل رسول الله وأولاده.
وكانت له صحبة في القافلة بتجار من يهود نجران واليمن يحملون طعاما وكساء على أربعين جملا: تجار رحل كان كثيرا ما يلتقي بهم في أسواق صنعاء ونجران، بل لقد حمل ورقة أحدهم ذات مرة في سفرة له إلى مكة رسالة إلى باقوم، فتوثقت بينهم وبينه في الطريق مودة عظيمة. ذهب إليهم من فوره؛ ليتذاكر معهم فيما يحملون من بضاعة، كم يكون ثمنها؟ وكم يربحون من بيعها؟ وإذ لم يشكوا في مأربه؛ لأنه كما يعلمون تاجر مثلهم يسير ببضاعة معهم إلى مكة صدقوه القول، وقالوا: هي بضاعة يقدر ما فيها من الكساء بثلاثين ومائة دينار، وأن حملها عشرة جمال. أما الطعام فهو على ما يبهظ من ظهور الجمال لا يزيد ثمنه على ستين دينارا، وإن كان فيه سمن وسكر، ولذلك فإنا لا نتاجر في الطعام، وإنما هذا طعام كنا قد جئنا به من قرن المنازل إلى عكاظ
صفحة غير معروفة