وصبحتها مساقي الورد ترويها
يا نجمة الليل يا لله معاي نراعيها
وإن نمت في الفجر تبقى عيني تحميها
ولما انعقد سامر القرية في تلك الليلة كانت أناشيد قوية ترن في الفضاء مرحة مطربة، وكانت ألاعيبه وفكاهاته تهز الحلقة بضحكات عالية.
وأتى قوية في الصباح التالي إلى فؤاد يدعوه إلى الغداء معه، وألح في ذلك إلحاحا شديدا، فلما تمنع عليه استعان بأمه مبروكة حتى قبل إرضاء لها.
وذهب فؤاد إليه في خيمته يحس مزيجا من بشر وتقبض، يكاد يحمل نفسه على الدخول حملا، ولكن ترحيب مبروكة وحديثها ما لبثا أن أزالا عنه قبضته، ومدت مبروكة أمام الخيمة سفرة حافلة أعدت عليها طعاما على طريقة الأعراب من ثريد ولحم ورقاق مبسوس وشواء، وكان طعاما شهيا.
وجال فؤاد وقوية بعد الغداء جولة في الحقول، وجرى الحديث بينهما على عادته، ولكن فؤاد كان أقل حماسة من قوية الذي كان يفيض سعادة، فلم ينتبه إلى فتور صاحبه، كانت نشوة الحياة تملؤه فيعطي ولا ينتظر عطاء، ويتحدث ولا يعبأ أن يتلقى جوابا.
وعادا بعد جولتهما إلى العزبة، فلما رآهما الأب قال يخاطب الفتى: لم نسيت أن تدعوني يا قوية؟
فتبسم قوية صامتا.
وقال فؤاد: لقد كان غداء مبروكة عظيما كعادتها.
صفحة غير معروفة