مجانبة أهل الثبور المصلين في المشاهد وعند القبور
الناشر
مكتبة الرشد
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
يَكوْنَ لِي مِنْكمْ خَلِيْلٌ، فإنَّ الله َ تَعَالىَ قدِ اتخذَني خَلِيْلا ً، كمَا اتخذَ إبْرَاهِيْمَ خَلِيْلا ً، وَلوْ كنتُ مُتخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيْلا ً، لاتخذْتُ أَبا بَكرٍ خَلِيْلا ً، أَلا وَإنَّ مَنْ كانَ قبْلكمْ كانوْا يتخذُوْنَ قبوْرَ أَنْبيَائِهمْ وَصَالِحِيْهمْ مَسَاجِدَ، أَلا فلا تتخِذُوا الْقبُوْرَ مَسَاجِدَ، إني أَنهَاكمْ عَنْ ذلك» رَوَاهُ مُسْلِمٌ في «صَحِيْحِه» (٥٣٢).
قالَ شَيْخُ الإسْلامِ ابْنُ تَيْمية َ في «شَرْحِ العُمْدَةِ» (٢/ ٤٤٨ - ٤٤٩): (فإنمَا نهَى عَنْ ذلِك َ، لأَنَّ الصَّلاة َ عِنْدَهَا، وَاتخاذهَا مَسَاجِدَ، ضَرْبٌ مِنْ عِبَادَةِ الأَوْثان ِ، وَسَبَبٌ إليْهِ، لأَنَّ عُبّادَ الأَوْثان ِ مَا كانوْا يقوْلوْنَ: إنَّ تِلك َ الحِجَارَة َ وَالخشَبَ خَلقتْهُمْ! وَإنمَا كانوْا يقوْلوْنَ إنهَا تمَاثِيْلُ أَشْخاص ٍ مُعَظمِيْنَ مِنَ الملائِكةِ أَوِ النُّجُوْمِ أَوِ البشرِ، وَإنهُمْ بعِبادَتِهمْ، يتوَسَّلوْنَ إلىَ الله.
فإذا توَسَّلَ العَبْدُ باِلقبْرِ إلىَ اللهِ: فهُوَ عَابدُ وَثن ٍ، حَتَّى يَعْبُدَ الله َ مُخْلِصًا لهُ الدِّينَ، مِنْ غيْرِ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شُفعَاءَ وَشُرَكاءَ، كمَا أَمَرَ الله ُ تَعَالىَ بذَلِك َ في كِتَابهِ، وَيَعْلمَ أَنهُ ليْسَ مِنْ دُوْن ِ اللهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيْعٌ كمَا أَخْبَرَ تعَالىَ.
وَلهذَا جَمَعَ النَّبيُّ ﷺ بيْنَ مَحْق ِ التَّمَاثِيْل ِ، وَتسْوِيةِ القبوْرِ المشْرِفةِ، إذْ كانَ بكليْهمَا يتوَسَّلُ بعِبَادَةِ البَشَرِ إلىَ الله.
قالَ أَبوْ الهيّاجِ الأَسَدِيُّ: قالَ لِي عَلِيٌّ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ: «أَلا أَبعَثك َ عَلى مَا بعَثنِي عَليْهِ رَسُوْلُ اللهِ ﷺ؟ أَلا َّ تدَعَ تِمْثالا ً إلا َّ طمَسْتهُ،
1 / 76