الحال على ذلك، فكان للزوم الأركن وهو الذي لا يلي الملوك الأمر إلا بإذنه. وللفرنج البابا، وللمسلمين الخليفة. وكذلك بعض طوائف الهند والصين، فكل من حقق الطاعة لغيره تحققت طاعة غيرو له، وقلما ظهر أحد ممن يتملك وينشىء دولة ويدعو لنفسه أن ينتظم أمره أو تصير منه حالة.
ثم يجب أن يكون الملك دينا عالما ناسكا مشتغلا بالعلوم ، منزها عن شوائب النقص والمعائب في خلقه وخلقه، فان انضاف الى ذلك كرم وشجاعة فقد كمل، ثم لا يخلو إما أن يكون حاضرا يراه الناس ويسمعون كلامه أو غائبا يشار إليه، فيجب أن يكون له نائب قائم بامره ومترجم عنه على ما وصفنا من الدين والعفة والعدل وحسن السيرة والشجاعة.
ويجب على الملك أن يحسن الى مجاوريه من الملوك الذين حوله، فيامر ولاة اطرافه بكف المتعدين على حدودهم، والمتوغلين فى تخومهم، ويرد عليهم الضالة والأبق، ولا يحمى عنهم المفسد ولا السارق، ثم لا يمنعهم من الانتفاع من أرضه وبلاده بما لا يوهن المملكة ولا يضرها.
قيل لبعضهم: ما الرئاسة؟ قال: كف الأذى وبذل الندى.
ثم ينبغي للملك ان ينزه سمعه من الغيبة وان تقال في مجلسه، فان سكت ففيه رضى واقرار، وإن أنكر وغير ففيه البوار.
هذا على العموم، وأما على الخصوص فيجب عليه أن يعاقب من يسب الملوك بين يديه، ولا يمكن من ثلبهم أصلا.
ومما يحكى أن الاسكندر(1) أمر مناديه : معاشر الناس! من فيكم قاتل
صفحة ١٠٠