التوسل أنواعه وأحكامه
محقق
محمد عيد العباسي
الناشر
مكتبة المعارف للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الطبعة الأولى ١٤٢١ هـ
سنة النشر
٢٠٠١ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
عن ربه ﵎ أنه قال: "إذا ابتليتُ عبدي بحبيبتيه – أي عينيه – فصبر، عوضته منهما الجنة" ١.
ثالثًا: إصرار الأعمى على الدعاء وهو قوله: "فادع" فهذا يقتضي أن الرسول ﷺ دعا له، لأنه ﷺ خير من وفى بما وعد، وقد وعده بالدعاء له إن شاء كما سبق، فقد شاء الدعاء وأصر عليه، فإذن لا بد أنه ﷺ دعا له، فثبت المراد، وقد وجه النبي ﷺ الأعمى بدافع من رحمته، وبحرص منه أن يستجيب الله تعالى دعاءه فيه، وجهه إلى النوع الثاني من التوسل المشروع، وهو التوسل بالعمل الصالح، ليجمع له الخير من أطرافه، فأمرهأن يتوضأ ويصلي ركعتين ثم يدعو لنفسه وهذه الأعمال طاعة لله ﷾ يقدمها بين يدي دعاء النبي ﷺ له، وهي تدخل في قوله تعالى: ﴿وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾ كما سبق.
وهكذا فلم يكتف الرسول ﷺ بدعائه للأعمى الذي وعده به، بل شغله بأعمال فيها
طاعة لله ﷾ وقربة إليه، ليكون الأمر مكتملًا من جميع نواحيه، وأقرب إلى القبول والرضا من الله ﷾، وعلى هذا، فالحادثة كلها تدور حول الدعاء – كما هو ظاهر – وليس فيها ذكر شيء مما يزعمون.
وقد غفل عن هذا الشيخ الغماري أو تغافل، فقال في "المصباح/٢٤": "وإن شئتَ دعوتُ". أي وإن شئت علمتك دعاء تدعو به، ولقنتك إياه، وهذا التأويل واجب ليتفق أول الحديث مع آخره.
_________
١ رواه البخاري عن أنس وهو مخرج في "الصحيحة ٢٠١٠" - مكتبة المعارف للنشر والتوزيع.
1 / 71