مما رزقهم الله افتراء عليه، وكان القصد بذلك تحذير المؤمنين أن يحرموا شيئا مما أحل الله، فيشابهوا بذلك الكفار في صنيعهم، وكان ذكر ذلك على سبيل الإيجاز، ساق هذه السورة لبيان ما حرمه الكفار في صنيعهم، فأتى به على الوجه الأبين والنمط الأكمل، ثم جادلهم فيه، وأقام الدلائل على بطلانه، وعارضهم وناقضهم، إلى غير ذلك مما اشتملت عليه القصة1، فكانت هذه السورة شرحا لما تضمنته المائدة من ذلك على سبيل الإجمال، وتفصيلا وبسطا، وإتماما وإطنابا.
وافتتحت بذكر الخلق والملك2؛ لأن الخالق والمالك هو الذي له التصرف في ملكه ومخلوقاته إباحة ومنعا، وتحريما وتحليلا، فيجب ألا يتعدى عليه بالتصرف في ملكه.
وكانت هذه السورة بأسرها متعلقة بالفاتحة من وجه كونها شارحة لإجمال قوله: {رب العالمين} وبالبقرة3 من حيث شرحها لإجمال قوله: {الذي خلقكم والذين من قبلكم} "البقرة: 21"، وقوله: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا} "البقرة: 29"، وبآل عمران من جهة تفصيلها لقوله: {والأنعام والحرث} "آل عمران: 14"، وقوله: {كل نفس ذائقة الموت} "آل عمران : 185" الآية.
وبالنساء من جهة ما فيها من بدء الخلق، والتقبيح لما حرموه على
صفحة ٨٣