أصل نظام الأسرة والدولة والملكية الفردية

فريدريك إنجلز ت. 1375 هجري
66

أصل نظام الأسرة والدولة والملكية الفردية

تصانيف

وكان نظامهم أيضا متمشيا مع المرحلة العليا للبربرية؛ فقد ذكر تاسيتس أنه كان لديهم مجلس عام للرؤساء

يقرر الأمور القليلة الأهمية، ويعد الأمور الهامة لإصدار قرار بشأنها من الجمعية الشعبية. وكما سبق وعلمنا فإن هذه الجمعية كانت في المرحلة الدنيا من البربرية (مثل الهنود الأمريكيين) تعقد في السلالات فقط، ولم تكن تعقد بعد في القبيلة أو اتحاد القبائل في هذه المرحلة من البربرية. وكان الرؤساء الأعضاء بالمجلس مختلفين عن قواد الحرب

duces

كما هو الحال عند الإيروكيوس. وكان هؤلاء الرؤساء يعيشون على الهدايا والهبات مثل الماشية والحبوب وغيرها مما يقدمه لهم أفراد القبيلة، وكانوا بصفة عامة ينتخبون من عائلة معينة. وقد دعم الانتساب للأب تحويل هذه المناصب تدريجيا من انتخابية إلى وراثية كما كان الحال عند الإغريق والرومان؛ وكان ذلك سببا في قيام عائلة أرستقراطية في كل سلالة. وقد اختفت معظم هذه الأسر الأرستقراطية القبلية خلال هجرة الشعوب أو بعدها بفترة قصيرة. وكان القواد العسكريون ينتخبون بناء على كفاءتهم وحدها بصرف النظر عن الأصل العائلي، وكانت سلطتهم قليلة ومستمدة من السوابق والتقاليد.

ويقول تاسيتس إن السلطة التأديبية في الجيش كانت في يد الكهنة، وكانت الجمعية الشعبية هي السلطة الحقيقية. وكان هناك الملك أو الرئيس القبلي. وكان قرار الشعب يصدر بإحدى صورتين إما زمجرة تعني «لا» وإما هتافا ورنين أسلحة يعني «نعم

aye ». وكانت الجمعية الشعبية هي ساحة العدالة أيضا، وكانت الشكاوى تقدم إليها ويصدر فيها القرار. وكان الحكم بالموت يصدر في حالات الجبن والخيانة والأخطاء الجسيمة فقط. وكانت الفروع وغيرها من التنظيمات القبلية تتولى القضاء، ويرأسها زعيمها الذي كان يتولى إدارة المناقشات، كما هو الحال في كل المحاكم الأصلية الألمانية. وكانت الأحكام عند الألمان تصدر من الجماعة كلها.

وقد ظهرت اتحادات القبائل منذ وقت سيزار، وكان لبعض هذه الاتحادات ملك. وقد بدأ القائد العسكري الأعلى يتطلع إلى السلطة، كما كان الحال عند الإغريق والرومان، وكان ينجح في الحصول عليها أحيانا. ولم يكن هؤلاء القواد المغتصبون حكاما مطلقين، ومع ذلك فقد بدءوا يحطمون النظام القبلي. وبينما كان العبيد المعتقون بصفة عامة يشغلون مركزا منحطا؛ لأنه لم يكن في استطاعتهم أن يكونوا أعضاء في أي سلالة، فقد كانوا يحصلون على المراكز والثروات بتقربهم من الملوك الجدد. وقد حدث نفس الشيء بعد هزيمة الإمبراطورية الرومانية فيما يتعلق بالقواد العسكريين الذين أصبحوا ملوكا لبلاد واسعة. وعند الفرانك (الفرنسيين) كان عبيد الملك وعتقاؤه يلعبون دورا كبيرا في المحاكم أولا ثم في الدولة. وكان جزء كبير من الأرستقراطية الجديدة ينحدر منهم.

وكان هناك نظام واحد كان السبب الأساسي الذي مكن الملكية من الظهور؛ وهو الحاشية أو التابعين.

وقد سبق لنا أن رأينا كيف تكونت الاتحادات الخاصة عند الهنود الحمر بجانب السلالات لكسب الحرب. وكانت هذه الاتحادات الخاصة لدى الألمان قد نمت حتى أصبحت تنظيمات قائمة؛ فقد كان القائد العسكري الذي يكسب شهرة يجمع حوله مجموعة من المحاربين الشبان يدينون له بالولاء شخصيا، وكان يطعمهم ويقدم لهم الهدايا وينظمهم في درجات كحرس وكفرقة مستعدة للعمل المباشر في وقت قصير. ومع أن هؤلاء التابعين كانوا ضعفاء، كما ثبت ذلك فيما بعد، فقد قاموا بدور جراثيم الفناء للحريات العامة القديمة، وأثبتوا هذا الدور خلال وبعد هجرة الشعوب؛ وذلك لأنهم خلقوا تربة صالحة لقيام سلطة الملكية، ولأن الطريق الوحيد لاستمرار جمعهم كان الأعمال الحربية المستمرة وحملات السلب. وأصبح السلب هو الموضوع الرئيسي، وكان الرئيس إذا لم يجد شيئا يفعله مع جيرانه يحرك قواته إلى بلاد أخرى حيث تكون هناك حروب وأمل في الغنائم. وكان المساعدون الألمان (الذين حاربوا الألمان أنفسهم تحت الراية الرومانية) يتكونون من هؤلاء التابعين بصفة جزئية، وكانوا النواة الأولى لنظام الجنود المرتزقة الذي كان عار الألمان ولعنتهم. وبعد هزيمة الإمبراطورية الرومانية كون تابعو الملك، هؤلاء الأرقاء والحاشية الرومانية، الجزء الرئيسي الثاني من الأرستقراطية التي ظهرت بعد ذلك.

وإذن فقد اتحدت القبائل الألمانية في هيئة شعوب. وكان نظامها الأساسي هو نفس النظام الذي نما عند الإغريق في العصر البطولي والرومان أيام الملوك المزعومين

صفحة غير معروفة