قد حاولوا تدريجيا توسيع نطاق سلطتهم؛ فإن ذلك لا يغير الطابع الأصلي الأساسي للدستور.
وفي هذه الأثناء زاد تعداد السكان في روما والأراضي الرومانية التي اتسعت بالفتح؛ وكانت هذه الزيادة ناتجة من الهجرة ومن المقيمين بالأقاليم التي أخضعت والتي كان معظمها لاتينيا. وكان كل سكان الأقاليم التابعة خارج نطاق الفروع والأخوات والقبائل القديمة؛ وعلى ذلك فلم يكونوا جزءا من الشعب الروماني الخالص، وقد كانوا كأشخاص أحرار يستطيعون امتلاك الأراضي ودفع الضرائب والخدمة العسكرية، ولكن لم يكن لهم حق تولي المناصب العامة أو حق الاشتراك في الجمعية الشعبية أو الاشتراك في توزيع أراضي الدول المهزومة؛ فقد كانوا يكونون الطبقة الدنيا المحرومة من كل الحقوق العامة. ونتيجة للزيادة المستمرة في عددهم وتدريبهم العسكري وتسليحهم أصبحوا تهديدا للشعب الروماني الذي سد منافذه تماما في وجه أي زيادة. ويبدو أن الأرض كانت توزع بالتساوي بين الشعب الروماني وبين هذه الطبقة الدنيا، بينما يبدو أن الثروة التجارية والصناعية كانت مركزة أساسا في أيدي هذه الطبقة الدنيا مع أن هذه الثروة لم تكن قد تضخمت بعد.
ونظرا للظلام الدامس الذي يحيط بأصل أسطورة تأسيس روما - وقد زادت من هذا الظلام تفسيرات المؤلفين القانونيين - فمن المستحيل وضع تقرير دقيق عن وقت وسير وأسباب الثورة التي وضعت حدا للدستور القبلي القديم. والشيء الوحيد المؤكد هو أن أسباب الثورة تكمن في الصراع بين الطبقة الدنيا سالفة الذكر والشعب الروماني.
وقد أنشأ الدستور الجديد المنسوب إلى ال
rex
المسمى سرفيوس توليوس (ويشابه الأنظمة الإغريقية وخاصة نظام سولون)، أنشأ هذا الدستور جمعية شعبية جديدة، تضم أو تستبعد كل أشباه الشعب الروماني والطبقة الدنيا بناء على إذا ما كانوا قد أدوا الخدمة العسكرية من عدمه. فكل الذكور القادرين على أداء الخدمة العسكرية كانوا مقسمين إلى ست طبقات طبقا لثروتهم، وكان الحد الأدنى للثروة في الطبقات الخمس الأولى هو على التوالي: مائة ألف آس، وخمسة وسبعون ألف آس، وخمسون ألفا، وخمسة وعشرون ألفا، وأحد عشر ألفا (وهي كما ذكر ديرود ولامال تساوي حوالي 14000، 10500، 7000، 3500، 1570 ماركا ألمانيا على التوالي). أما الطبقة السادسة، وهي الطبقة العاملة المكونة ممن كانوا يملكون أقل من ذلك، فكانت معفاة من الخدمة العسكرية والضرائب. وفي الجمعية الجديدة (اسمها
Comita Centuriata ) كان المواطنون مقسمين إلى درجات على طريقة الجنود، وإلى مجموعات
Contnrea
عدد كل منها مائة، وكل مجموعة لها صوت واحد. وكان للطبقة الأولى ثمانون مجموعة، وللثانية اثنان وعشرون، وللثالثة عشرون، وللرابعة اثنان وعشرون، وللخامسة ثلاثون، أما الطبقة السادسة فلم يكن لها إلا مجموعة واحدة. ويضاف إلى هذه المجموعات ثمانية عشر مجموعة للفرسان المكونين من أغنى الأغنياء. وعلى ذلك يكون العدد كله مائة وثلاثة وتسعين مجموعة، وكانت الأغلبية المطلوبة سبعة وتسعين صوتا؛ وبذلك كان للفرسان والطبقة الأولى ثمانية وتسعون صوتا، أي الأغلبية، وعندما كان الفرسان والطبقة الأولى يتحدون كانت القرارات الصحيحة تصدر حتى دون سؤال الطبقات الأخرى.
وقد انتقلت كل الحقوق السياسية إلى الجمعية الجديدة هذه. وكانت الأخوات والفروع المكونة لها لا تزال موجودة كما كان الحال في أثينا، ولكن انحط شأنها حتى أصبحت بمثابة جمعيات خاصة ودينية، وظلت بهذه الصفة مدة طويلة بينما سقطت جمعية الأخوات القديمة في طي النسيان. ولكي تلغى القبائل الثلاثة القديمة من الدولة أنشئت أربع قبائل إقليمية، تسكن كل قبيلة منها في ربع المدينة، ولها حقوق سياسية معينة.
صفحة غير معروفة