رسول عزيز إلى فدوى
ففي الصباح التالي، كانت فدوى لا تزال عرضة لاضطراب الأمس، غارقة في لجج الأفكار، إذ دخلت عليها دليلة وهي تبتسم عن أسنانها المهتومة، وكان وجهها أغبش ، وطرفها أعمش، وخدودها معجرة كأنها المقصودة بقول الشاعر:
لها في زوايا الوجه تسع مصائب
فواحدة منهن تبدي جهنما
بوجه بشيع ثم ذات قبيحة
كصورة خنزير تراه ترمرما
فلما رأتها فدوى تشاءمت من رؤيتها، وكرهت مخاطبتها. أما تلك العجوز المعطاء فأقبلت عليها بوجه الظافر كأنها لم تبال بنفورها منها، وقالت: أرى سيدتي لا تزال غاضبة علي وأنا لم آت إلا ما به خيرها، ولم أقصد إلا ما أراده والدها.
قالت فدوى: ما تعنين بقولك؟
قالت: أعني الخاتم الذي رميته في وجهي منذ بضعة أيام؛ ستلبسينه من يد من لا يسعك مخالفته.
قالت فدوى: من ذا يا ترى يستطيع ذلك؟ قالت: إذا أذنت لي سيدتي بخلوة قصصت عليها الخبر، وأطلعتها على الأمر، فاختلت بها مع شدة كرهها لها؛ لتدرك المهمة التي أتت بها هذه الحية الرقطاء، فقالت العجوز: إن والدك قد سمح بخطبتك لمن أردت إلباسك خاتمه فامتنعت وانتهرتني.
صفحة غير معروفة