فأجاب عرابي: اعلم يا حضرة القنصل أن طلباتي المتعلقة بالأهالي لم أقدم عليها إلا لأنهم أنابوني في تنفيذها بواسطة هؤلاء العساكر؛ لأنهم أخوتهم وأولادهم، فهم القوة التي ينفذ بها كل ما يعود على الوطن بالمنفعة، واعلم أننا لا نتنازل عن هذه الطلبات، ولا نبرح من هذا المكان ما لم تنفذ.
القنصل: إذن تريد تنفيذ اقتراحاتك بالقوة؛ الأمر الذي يخشى منه ضياع بلادكم.
عرابي: ذلك لا يكون. ومن ذا الذي ينازعنا في إصلاح داخليتنا، فاعلم أننا نقاومه أشد المقاومة إلى أن نفنى عن آخرنا.
القنصل: وأين هذه القوة التي ستقاوم بها.
عرابي. في وسعي أن أحشد في زمن يسير مليونا من العساكر طوع إرادتي.
القنصل: وماذا تفعل إذا لم تنل ما طلبت.
عرابي: أقول كلمة ثانية.
القنصل: وما هي؟
عرابي: لا أقولها إلا عند القنوط.
ثم انقطعت المخابرات بين الفريقين نحوا من ثلاث ساعات؛ تداول القناصل والخديوي والنظار أثناءها داخل السراي، وعزيز يفكر فيما سمعه من حديث عرابي، وما عاين من جراءته، فإذا بالأمر قد استقر على إجابة طلبات عرابي وتنفيذها تدريجا؛ لأن بعضها يحتاج إلى مخابرة الباب العالي، فأصر عرابي على تنزيل الوزارة قبل انصرافه، فنزلت واستدعي شريف باشا، وبعد اللتيا والتي قبل بأن يشكل وزارة جديدة، بشرط أن يتعهد له رؤساء الحزب العسكري بالامتثال لأوامره، وأن يقدم عمد البلاد ضمانة على ذلك، فحصل وتشكلت الوزارة.
صفحة غير معروفة