قال: كفاك يا سيدتي إطراء، فلا تدعيني أحس قصوري عن بلوغ ما تصفينني به؛ فقد قلت إني لم أقصد بإنقاذك استجلاب المكافأة؛ إذ لم يحملني عليه إلا الواجبات الإنسانية، فلا أطمع بغير رضاك إن كنت أستحقه.
فقالت وقد رمقته مستعطفة: أهذا غاية ما تتمناه يا شفيق؟
فأجابها وهو مطرق: إن ذلك غاية ما أستحق يا سيدتي.
قالت: إنما أسألك عما تتمنى.
قال: ولكن «لا كل ما يتمنى المرء يدركه.» وكلل جبينه العرق خجلا. أما هي فأدركت ما وراء ذلك، وغلب عليها الحياء، فأطرقت خجلا وانزوت حياء.
فعاودها الخطاب قائلا: إذا كنت لم أذكر لك ما أتمناه وقد نفرت؛ فكيف لو ذكرته؟!
فدنت من النافذة بلطف وقد خفضت من اضطرابها ومدت يدها إليه فتصافحا بالأيدي، وأوضحا بالإشارة ما يقصر دونه الخطاب.
ثم عاودت الحديث قائلة: أظنك تعجب لمعرفتي مقرك وإرسالي إليك، فأخبرك أني جئت الليلة مع والدي إلى الملعب لمشاهدة التمثيل، فرأيتك في إحدى الخلوات وأنا في إحداها، وكنت لا تحول بنظرك إلى خلوات السيدات، خلافا لرفيقك الذي أضحى هزءا وسخرية عند من لاحظوا حركاته. ونظرا لما أشعر به من المنة نحوك أحببت مخاطبتك بما يظهر مظهر الشكر لديك، فاستأذنت والدي بالخروج من الملعب لترويح النفس، وبعثت إليك بخادمي الأمين بخيت، الذي أثق به كثيرا؛ لما هو فيه من الأمانة والبسالة، وكرم النفس، وصدق الطوية. وقد أطلعته على ما أبديته نحوي من الشهامة بإنقاذك نفسي من العار والموت، حتى صار يحبك محبته لي، ويعجب ببسالتك وكرم أخلاقك. وحيث إن والدي بانتظاري في الملهى؛ فلا يحسن بي التأخير.
قال: وأنا أيضا سأعود للتفتيش عن عزيز. ونظر إليها ليرى ما يبدو على وجهها، فإذا هي مطرقة تريد التكلم ويمنعها الحياء.
فقال: إني أقرأ في وجهك كلاما ترومين إظهاره ويمنعك الحياء، وعلى ما أرى إنه يتعلق بصديقي عزيز، فعلام تحجبينه عني؟
صفحة غير معروفة