فقال عزيز: لقد خطر لي الآن طريقة تريحنا جميعا، فهل أعرضها على سعادتك؟
قال: قل ما بدا لك.
قال: قد قرأت في بعض المجلات العلمية عن علم حديث يقال له: علم التنويم المغناطيسي؛ وهو نوم اصطناعي يستخدمه بعض الأطباء اليوم، ويقولون في منافعه أقوالا غريبة، فهم ينومون المريض باللمس والتكبيس، ويزعمون أنه إذا نام يسألونه عن مرضه، فيشرح لهم حقيقته وعلاجه شرحا وافيا، وقد قالوا إن النائم على هذه الكيفية يتنبأ بالغيب، ويكتشف المجهولات، وهم لا يؤكدون ذلك، وإنما يؤكدون خاصة أخرى لا شك فيها؛ وهي أن المنوم يتسلط على إرادة المنوم تسلطا مطلقا حتى كأنه عضو من أعضائه يعمل ما يأمره به، فإذا نوم شخص شخصا وقال له وهو نائم: إذا صحوت فابغض فلانا وأحب فلانا؛ فعل، ولو كان يحب ذاك محبة شديدة، ويبغض هذا بغضا شديدا، وهو لا يعلم السبب، ولا يدرك أن ذلك التغيير إنما كان بطريق التنويم.
فتعجب الباشا لذلك وقال: أحقيق هذا يا عزيز؟ ومن هم المنومون؟
قال: هذا أمر لا شك فيه، وأما المنومون فهم في الغالب من الأطباء، وقد قل من يستطيع التنويم من أطبائنا؛ لأنه فن حديث قلما تعاطاه أبناء هذه البلاد. أما في بلاد الإفرنج فهو كثير الانتشار.
قال: وهل يخضع كل إنسان لسلطان المنوم؟ قال: لا، وإنما النساء أكثر قبولا له من الرجال، والعصبيات أكثر من سواهن.
قال الباشا: فتكون فدوى إذن من أقبلهن له، وهذه وسيلة تكفينا مئونة المشقة، ويا ليتنا عرفناها قبل الآن، ولكن على من نعتمد في التنويم هنا؟
قال: قلت لك إن الذين يعرفونه قليلون، ولكن يمكننا سؤال الأطباء الماهرين عنه.
فلاح للباشا أن الدكتور «ن» أفضل الجميع لذلك، فقال لعزيز: إن طبيبا من أشهر أطباء هذه المدينة قد عرفته وأحببته، وأظنه أعرف من الجميع بهذه الأمور.
قال عزيز: ومن هو؟
صفحة غير معروفة