الأشربة و ذكر اختلاف الناس فيها
محقق
د حسام البهنساوي، أستاذ علم اللغة المساعد جامعة القاهرة - كلية الدراسات العربية والإسلامية بالفيوم
الناشر
مكتبة زهراء الشرق
مكان النشر
القاهرة
بان عُمَرَ كَانَ يَشْرَبُ عَلَى طَعَامِهِ الصلب ويقوليقطع هذا اللحم في بطوننا، ويشرب نبيذاُ كَادَ يَصِيرُ خَلًّا وَمَاءُ التمر وماء الزبيب لا يكادأ يَكُونَ خَلًّا حَتَّى يَكُونَ نَبِيذًا ثم يدخلها شَيْءٌ مِنَ الْفَسَادِ مِنْ غَيْرِ أن يصير خَلًّا، لِأَنَّ كَادَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ هَمَّ أَنْ يَفْعَلَ وَلَمْ يَفْعَلْ. وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ: إِنَّهُ شَرِبَ خَلًّا، وَالْخَلُّ لَا يُسَمَّى نَبِيذًا، وَلَا يُسَمَّى شَرَابًا، لِأَنَّهُ مِمَّا يُشْرَبُ، وَمَنْ ذَا شَرِبَ الْخَلَّ مِنَ النَّاسِ لِلَذَّةٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ فَيَشْرَبُهُ عُمَرُ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ شرب أعرابي من دواة عُمَرَ فَانْتَشَى فَحَدَّهُ عُمَرُ وَإِنَّمَا حَدَّهُ عَلَى السُّكْرِ لَا عَلَى الشُّرْبِ وَدَخَلَ عَلَى قَوْمٍ يَشْرَبُونَ وَيُوقِدُونَ فِي الْأَخْصَاصِ فَقَالَ لَهُمْ: نهتكم عن معاقرة الشراب فعقرتم، وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ الْإِيقَادِ فِي الْأَخْصَاصِ فَأَوْقَدْتُمْ، وَهَمَّ بِتَأْدِيبِهِمْ، فَقَالُوا: مَهْلًا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، نَهَاكَ اللَّهُ عن لتجسس فَتَجَسَّسْتَ وَنَهَاكَ عَنِ الدُّخُولِ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَدَخَلْتَ فَقَالَ هَاتَانِ بِهَاتَيْنِ وَانْصَرَفَ عَنْهُمْ، وَإِنَّمَا نَهَاهُمْ عَنِ الْمُعَاقَرَةِ وَهِيَ إِدْمَانُ الشُّرْبِ حَتَّى يَسْكَرُوا، وَلَمْ يَنْهَهُمْ عَنِ الشُّرْبِ وَأَصْلُ الْمُعَاقَرَةِ مِنْ عُقْرِ الْحَوْضِ وَهُوَ مَقَامُ الشَّارِبَةِ وَكَذَلِكَ قَالَ الأشج لبنيه:
1 / 171