فصل
سمية الكلام فسي الأزل خطابا فيه خلاف. يضاهيه من الفقه تخاطب المتعاقدين؟ هل يشترط أن يخاطب أحدهما الآخر؟ ذكروا فيه صورا : منها : لو قال: بعت من فلان - وهو غائب- فلما بلغه . قال: اشتريت خرجه بعض أصحابنا على انعقاد البيع بالمكاتبة.
والصحيح الذي رجحه الرافعي في كتاب الطلاق والغزالي في الفتاوى : ل الصحة، فإذا صحح البيع بالمكاتبة، فالقول مع الغيبة أولى، وقال أبو حنيفة : لا يتعقل.
واعلم أن مسألة المكاتبة ذكروها فيما إذا كان أحدهما غائبا عن الآخر ، فأما إذا كانا حاضرين ، فقد قالوا: إن منعنا مع الغيبة فهاهنا أولى، وإن جوزنا فوجهان .ا وشرطوا ثبوت المكتوب؛ بأن يكون على القرطاس، أو على اللوح أو الأرض، لا أو الحجر، أو الخخشب.
قالوا: فأما ما لا يثبت فلا عبرة به ، كرسم الأحرف على الماء، والهواء. وهذا فيه نظر ؛ فإنا إذا جوزنا الكتابة مع الحضور ، فالمراد ما يدل على الرضا، وقد حصل ؛ لأن تجويز الكتابة إعراض عن اعتبار العرف، حتى أبطلوا المعاطاة؛ فلا فرق بين ما يبقى وما لا يبقى مع وجود الدلالة.
وشرطوا في التبايع بالمكاتبة أن يقبل المشتري؛ لما اطلع على الكتاب - على الأصح - ليقترن القبول بالإيجاب بحسب الإمكان.
وليكن هذا أيضا في مسألتنا، وهو أنه إذا قال: بعت داري من فلان ينبغي أن يقبل عند بلوغه الخبر.
وقالوا في المكتوب إليه: يدوم خيار المجلس له مادام في مجلس القبول، ويتمادى خيار الكاتب إلى أن يقطع خيار المكتوب إليه، وله أن يرجع عن الإيجاب قبله. انظر الروضة في كتاب البيع (339 .
صفحة ٤٧