عقيدة أهل السنة في الصحابة لناصر بن علي
الناشر
مكتبة الرشد،الرياض
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٢١ هـ/٢٠٠٠ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
وحسنت أعمالهم فكل من نظر إليهم أعجبوه في سمتهم وهديهم وقال مالك ﵁: بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة ﵃ الذين فتحوا الشام يقولون: والله لهؤلاء خير من الحوارين فيما بلغنا. وصدقوا في ذلك فإن هذه الأمة معظمة في الكتب المتقدمة وأعظمها وأفضلها أصحاب رسول الله ﷺ، وقد نوه الله ﵎ بذكرهم في الكتب المنزلة والأخبار المتداولة، ولهذا قال - سبحانه - ههنا ﴿ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ﴾ ثم قال ﴿وَمَثَلُهُمْ فِي الأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ﴾ أي: فراخه ﴿فَآزَرَهُ﴾ أي: شدَّه وقواه ﴿فَاسْتَغْلَظَ﴾ أي: شبَّ وطال ﴿فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ﴾ أي: فكذلك أصحاب رسول الله ﷺ آزروه وأيدوه ونصروه فهم معه كالشطء مع الزرع ﴿لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ﴾ ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك رحمة الله عليه في رواية عنه تكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة ﵃ قال: "لأنهم يغيظونهم ومن غاظه الصحابة ﵃ فهو كافر لهذه الآية ووافقه طائفة من العلماء ﵃ على ذلك ... ثم قال ﵎: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ﴾ من هذه لبيان الجنس ﴿مَغْفِرَةً﴾ أي: لذنوبهم ﴿وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ أي: ثوابًا جزيلًا ورزقًا كريمًا ووعد الله حق وصدق لا يخلف ولا يبدل، وكل من اقتفى أثر الصحابة ﵃ فهو في حكمهم ولهم الفضل والسبق والكمال الذي لا يلحقهم فيه أحد من هذه الأمة ﵃ وأرضاهم وجعل الفردوس مأواهم وقد فعل١.
"وفي قوله - سبحانه - في حق الصحابة الكرام ﵃ ﴿لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ﴾ أخطر حكم وأغلظ تهديد وأشد وعيد في حق من غيظ بأصحاب رسول الله ﷺ أو كان في قلبه غل لهم".٢
_________
١ـ تفسير القرآن العظيم ٦/٣٦٥.
٢ـ "قبس من هدى الإسلام" لشيخنا عبد المحسن العباد ص/ ٨٦.
1 / 75