أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمشتبهات

مرعي الكرمي ت. 1033 هجري
50

أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمشتبهات

محقق

شعيب الأرناؤوط

الناشر

مؤسسة الرسالة

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٦

مكان النشر

بيروت

الْمَخْلُوقَات حَتَّى إِن الْخصم يسلم أَنه تَعَالَى لَا يماس الْخلق قَالُوا وَمن عَنى هَذَا الْمَعْنى الْفَاسِد فَهُوَ مُبْتَدع ضال تجب استتابته فَإِذا قَامَت عَلَيْهِ الْحجَّة البلاغية فَلم يرجع ضربت عُنُقه بل وَلَا يماسونه وَإنَّهُ متميز بِذَاتِهِ مُنْفَرد مباين لخلقه متنزه عَن المماسة والإمتزاج قَالَ ابْن تَيْمِية وَمن توهم أَن كَون الله فِي السَّمَاء بِمَعْنى أَن السَّمَاء تحيط بِهِ وتحويه أَو أَنه مُحْتَاج إِلَى مخلوقاته أَو أَنه مَحْصُور فِيهَا فَهُوَ مُبْطل كَاذِب إِن نَقله عَن غَيره وضال إِن أعتقده فِي ربه فَإِنَّهُ لم يقل بِهِ أحد من الْمُسلمين بل لَو سُئِلَ الْعَوام هَل تفهمون من قَول الله وَرَسُوله إِن الله فِي السَّمَاء أَن السَّمَاء تحويه لبادر كل أحد مِنْهُم بقوله هَذَا شَيْء لَعَلَّه لم يخْطر ببالنا بل عِنْد الْمُسلمين أَن معنى كَون الله فِي السَّمَاء وَكَونه على الْعَرْش وَاحِدًا بِمَعْنى أَنه تَعَالَى فِي الْعُلُوّ لَا فِي السّفل وَلَا يتَوَهَّم أَن خلقا يحصره ويحويه تَعَالَى عَن ذَلِك قَالُوا وَالْقَوْل الْحق أَن البارئ تَعَالَى يُحِيط بِذَاتِهِ علما وَأَنه لَا يجهل نَفسه بل يعلمهَا علما حَقًا يثبت إنفصالها ويميزها عَمَّا سواهَا وَأَنَّهَا قَائِمَة بذاتها مستغية بقدرتها عَمَّا تقوم بِهِ ويقلها ويحملها وَمَا يُحِيط بِهِ علمه تَعَالَى من غايات ذَاته فَإِنَّهُ مَحْدُود بِعِلْمِهِ مَعْلُوم عِنْد نَفسه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ لَا تحيط بِهِ الْعُقُول وَلَا تُدْرِكهُ الأوهام اسْتَوَى على الْعَرْش كَمَا ذكر لَا كَمَا يخْطر للبشر

1 / 94