أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمشتبهات

مرعي الكرمي ت. 1033 هجري
159

أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمشتبهات

محقق

شعيب الأرناؤوط

الناشر

مؤسسة الرسالة

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٦

مكان النشر

بيروت

شبهتم ووصفتم ربكُم بِالْعرضِ فَإِن قَالُوا لَا عرض بل كَمَا يَلِيق بِهِ تَعَالَى قُلْنَا والإستواء وَالنُّزُول كَمَا يَلِيق بِهِ تَعَالَى قَالَ فَجَمِيع مَا يلزموننا بِهِ فِي الإستواء وَالنُّزُول وَالْيَد وَالْوَجْه والقدم والضحك والتعجب من التَّشْبِيه نلزمهم بِهِ فِي الْحَيَاة والسمع وَالْبَصَر وَالْعلم فَكَمَا لَا يجعلونها أعراضا كَذَلِك نَحن لَا نَجْعَلهَا جوارح وَلَا مَا يُوصف بِهِ الْمَخْلُوق وَلَيْسَ من الْإِنْصَاف أَن يفهموا فِي الإستواء وَالنُّزُول وَالْوَجْه وَالْيَد صِفَات المخلوقين فيحتاجوا إِلَى التَّأْوِيل والتحريف وَلَا يفهموا ذَلِك فِي الصِّفَات السَّبع وَحَيْثُ نزهوا رَبهم فِي الصِّفَات السَّبع مَعَ إِثْبَاتهَا فَكَذَلِك يُقَال فِي غَيرهَا فَإِن صِفَات الرب كلهَا جَاءَت فِي مَوضِع وَاحِد وَهُوَ الْكتاب وَالسّنة فَإِذا أثبتنا تِلْكَ بِلَا تَأْوِيل وأولنا هَذِه وحرفناها كُنَّا كمن آمن بِبَعْض الْكتاب وَكفر بِبَعْض وَفِي هَذَا بَلَاغ وكفاية أنْتَهى وَقَالَ أهل التَّأْوِيل إِن الْعَرَب تنْسب الْفِعْل إِلَى من أَمر بِهِ كَمَا تنسبه إِلَى من فعله وباشره بِنَفسِهِ كَمَا يَقُولُونَ كتب الْأَمِير إِلَى فلَان وَقطع يَد اللص وضربه وَهُوَ لم يُبَاشر شَيْئا من ذَلِك بِنَفسِهِ وَلِهَذَا احْتِيجَ للتَّأْكِيد فَيَقُولُونَ جَاءَ زيد نَفسه وَفعل كَذَا بِنَفسِهِ وَتقول الْعَرَب جَاءَ فلَان إِذْ جَاءَ كِتَابه أَو وَصيته وَيَقُولُونَ أَنْت ضربت زيدا لمن لم يضْربهُ وَلم يَأْمر إِذا كَانَ قد رَضِي بذلك قَالَ تَعَالَى ﴿فَلم تقتلون أَنْبيَاء الله﴾ الْبَقَرَة ٩١ والمخاطبون بِهَذَا لم يقتلوهم لكِنهمْ لما رَضوا بذلك ووالوا القتلة نسب الْفِعْل إِلَيْهِم وَالْمعْنَى هُنَا أَن الله تَعَالَى يَأْمر ملكا بالنزول إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فينادي بأَمْره وَقَالَ بَعضهم إِن قَوْله ينزل رَاجع إِلَى أَفعاله لَا إِلَى ذَاته

1 / 203