وأما الثلاث اللاتي وددت أني سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عنهن: فوددت أني سألته عن هذا الأمر فلا ينازعه أحد.
وودت أني سالت هل للأنصار فيه نصيب، وودت أني سألته عن ميراث بنت الأخ والعم فإن في نفسي منهما شيئا، وهذا على خلاف ما يقوله المخالفون، فإنه فيه أن أبا بكر غير واثق ولا مدع أن الأئمة من قريش فيعارض ما يرونه وما يروونه من النص عليه فإنه لا يصح أن يكون منصوصا عليه بشيئ جلي، وهو لا يعلمه.
وفي الخبر دلالة على أنه كان يعد في نفسه أنه قليل المعرفة، حتى في المواريث، وأنه على شك فيما فعل، فيعارض جميع ما يروى في هذا الباب إذ لا أوثق عليه من نفسه؛ ولما ولي عمر بن الخطاب الأمر، ثم علي عليه السلام، هو وخاصته على ما كانوا عليه من التخلف عن عمر كما كانوا في أبي بكر والكراهة لإمارته، ولذلك روى الليث بن سعد عن الزهري قال: لما بويع عمر تخلف علي عليه السلام عن البيعة، فجلس رجلا لعذره قال: عمر أين علي فقال رجل ذهب في بعض حاجته، والله ليجيئن رقصا أو لأضربن عنقه فذهب الرجل فأخبره فأقبل علي عليه السلام فمر بمجلس من مجالس الأنصار، ثم قال ينذر دمي إن تخلفت في حاجة لي، وذلك مذكور في كتاب (المعتمد) في الإمامة، ولم يبايعه خالد بن الوليد.
ولا سماه بإمير المؤمنين، وروى أبو الأسود الدؤلي عن بن عباس قال: كنت أماشي عمر بن الخطاب في بعض سكك المدينة، يده في يدي، إذ قال لي: يا ابن عباس ما أظن صاحبك إلا مظلوما، يعني عليا عليه السلام فقلت في نفسي والله لا يسبقني بها فقلت: يا أمير المؤمنين رد إليه ظلامته، فانتزع يده ثم مضى، وهو يهمهم، ثم وقف فلحقته فقال: يا ابن عباس ما أظن القوم منعهم من صاحبك إلا أنهم استصغروه، فقلت في نفسي: هذه شر من الأولى.
فقلت يا أمير المؤمنين: ما استصغره الله حين أمر بأخذ سورة براءة من أبي بكر فيؤدبها فسكت وهذا أيضا في كتاب المعتمد.
صفحة ٢٦