124

والآية الثانية: قوله تعالى: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}[الأحزاب:33]، ووجه الإستدلال بهذه الآية أن الله تعالى أخبر أنه قد أراد إذهاب الرجس من أهل البيت عليهم السلام، وما أراده الله من فعله فلا بد من كونه وفعله لأن إرادة العزم عليه تعالى محال فمن قال: أن الإرادة هي فعله، فلا شك أنه ما أراد إلا ما فعل، ومن قال: إرادته إرادة قصد فلا بد أن يكون قد فعل ما قصد، وإلا كانت إرادته عزما، لا قصدا، وذلك لا يجوز عليه تعالى.

فإذا كان قد أذهب الرجس عن أهل البيت عليهم السلام، فالرجس الذي أذهب إنما هو المعاصي لا غير ذلك من الأنجاس فإنما ينجس من غيرهم فإنه ينجس منهم بلا شك فإذا أراد بتطهيرهم التطهير من المعاصي، وبإذهاب الرجس عنهم إذهاب المعاصي فقط ولا يجوز إذهابها منهم إلا بالألطاف، والتوفيق مع بقاء الإختيار لوجهين:

أحدهما: أن الآية ورادة مورد المدح والتعظيم والتشريف ومن كان مضطرا مجبورا، فإنه لا يستحق ذلك على الفعل

- والثاني: أنه لو أذهب الله المعاصي عنهم بالإكراه لما استحقوا على الطاعات مدحا ولا ثوابا ولزال عنهم اسم التكليف، وذلك خلاف الإجماع؛ فبقى أنما أذهب عنهم الرجس وطهرهم إلا بالتوفيق والعصمة، وذلك لا يجوز في آحادهم لأنا نعلم بالضرورة وقوع المعاصي من آحادهم فبقي ذلك أن ما أذهبه الله وطهرهم فيما أجمعوا عليه دون ما اختلفوا فيه، فإنه غير مقطوع عليه بل هو موقوف على الدليل فبان أن إجماعهم حق لا باطل فيه.

وأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم حقيقة هم أولاده وأولاد أولاده لأن القائل إذا قال: أهل بيت فلان أهل طهارة وعلم فإنه لا يسبق إلى الإفهام منه إلا أولاده وأولاد أولاده والسبق إلى الإفهام وهو الذي تنفصل به الحقيقة من المجاز.

صفحة ١٢٨